للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم بعد يومين من شوال، رحل جانم من الخانكاه على رغم أنفه، وقد رأى جماعة الظاهرية، والمؤيديّة، مائلين إلى الظاهر خشقدم؛ وكان هذا كله بتدبير جانى بك نائب جدّة، وقد عظم أمره فى تلك الأيام جدّا، وصار مدبّر المملكة، والظاهر خشقدم فى قبضة يده.

ثم إنّ السلطان أخذ فى أسباب تفرقة (١) الإقطاعات على المماليك السلطانية، فاشتغلوا بذلك إلى أن رحل جانم من بلبيس، وكل ذلك توطئة للأشرفية، كما سيأتى الكلام على ذلك فى موضعه؛ ورحل جانم، ولم يجتمع به أحد من أعيان خشداشينه، ترضّيا للظاهر خشقدم، وقد عمل على رضاهم، وفرّق عليهم إقطاعات ثقيلة، التى كانت بالذخيرة، حتى أخرج البلاد من الديوان المفرد، وفرّقها إمريات عشرات على الخاصكية، وصار لا يردّ من سأله فى شئ من الإقطاعات الثقال.

ثم إن السلطان ابتدأ بتفرقة نفقة البيعة على الجند، وصار يفرّق فى كل جمعة طبقة، وسلسل الأمر فى التفرقة، حتى يطول الشرح فى ذلك، وهو يعتذر عن تحصيل المال، وقد صادر خوند أمّ الملك المؤيّد، وبرد بك صهر السلطان، وجماعة من حاشية الأشرف أينال.

ولما رحل جانم من بلبيس، أذن السلطان للأمراء الذين (٢) كانوا بالقلعة أن ينزلوا إلى دورهم، وكذلك القضاة الأربعة؛ واستمرّ الخليفة من يومئذ مقيما بالقلعة لم ينزل إلى المدينة، وصارت هذه عادة من بعده على الخلفاء؛ ثم إن السلطان رتّب للخليفة فى كل يوم من السماط: خمسة أطيار دجاج، ورأس غنم، ومن السكر رطلين، ومن البطيخ حبّة، واستمرّ ذلك فى مدّة الظاهر خشقدم كلّها إلى أن مات.

وفيه قرّر خاير بك القصر روى فى نيابة غزّة، عوضا عن برد بك، بحكم صرفه عنها. - وفيه رسم السلطان بالإفراج عن الملك العزيز يوسف بن الأشرف برسباى، وكذلك الملك المنصور عثمان بن الظاهر جقمق؛ ورسم بالإفراج عن قانى باى


(١) تفرقة: تفرقت.
(٢) الذين: الذى.