للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرج بن ماجد النحّال، وكان أصله من الأقباط، وولى عدّة وظائف سنيّة، منها:

الوزارة، والأستادارية غير ما مرّة، وولى أيضا كتابة المماليك، وغير ذلك من الوظائف، وكان رئيسا حشما، ديّنا خيّرا، مشكورا فى مباشراته، وكان عنده حدّة مزاج فى ذاته، ومولده سنة إحدى وثمانمائة.

وفيه كان قراءة تقليد السلطان بالقصر الكبير، وحضر الخليفة، والقضاة الأربعة، وأرباب الدولة، وجلس القاضى كاتب السرّ محب الدين بن الشحنة على كرسى، وقرأ التقليد على العادة؛ ثم إن السلطان أخلع على الخليفة، والقضاة الأربعة، وكاتب السرّ، ونزلوا من القلعة فى موكب حافل.

وفيه توفّى كزل السودونى، معلّم الرمح، أحد الأمراء العشرات، وكان ماهرا فى لعب الرمح، ديّنا خيّرا، متفقّها، حسن الهيئة، فصيحا فى عبارته. - وفيه ثارت عربان لبيد، ووصلوا إلى البحيرة، وشنّوا بها الغارات، ونهبوا الغلال، فلما بلغ السلطان ذلك، بادر وأرسل لهم تجريدة، ولم يرسل من المماليك الجلبان أحدا، فعزّ ذلك على المماليك القرانصة، وأضمروا له السوء.

وفى رجب، ظهر بالقاهرة وضواحيها الأمن والأمان، والعدل والرخاء، وأحبّوا الرعيّة السلطان حبّا شديدا، ومالت إليه النفوس قاطبة، فكان كما قيل:

دولته للأنام عيد … باق وأيّامه مواسم

قد أظهر العدل فى الرعايا … وأبطل الجور والمظالم

وصيّر الشاة فى حماه … تمشى مع الذئب والضياغم

لو نطقت مصرنا لقالت … يا ملك العصر والأقالم

ملأت (١) قلب الملوك رعبا … أغنى عن السمر والصوارم

وفيه هجم المنسر على المتفرّجين بجزيرة بولاق، وكان فى الظّلمة (٢) نصف الليل، فنهبوا من الناس شيئا كثيرا (٣)، وكان الناس خرجوا عن الحدّ فى الفتك والقصف،


(١) ملأت: ملئت.
(٢) فى الظلمة: كذا فى الأصل، ويعنى: فى الظلام.
(٣) شيئا كثيرا: شئ كثير.