للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسبب الفرجة، ونصبوا هناك الخيام، حتى سدّوا رؤية (١) البحر، وصاروا يقيمون فى الرمل ليلا ونهارا، من نساء ورجال، وهم فى غاية التزخرف، فهجم عليهم المنسر على حين غفلة، ونهب ما قدر عليه ومضى، ولم تنتطح فى ذاك شاتان (٢).

وفيه قدم تمراز الأشرفى، الذى كان دوادار ثانى (٣) بمصر، ونفى فى دولة الأشرف أينال، فلما مات أينال قدم إلى القاهرة من غير إذن، فلما حضر نزل عند الأتابكى خشقدم؛ فلما بلغ السلطان ذلك شقّ عليه، وأمر بإخراجه حيث جاء، فخرج من يومه، وأمر بسجنه، فشفع فيه بعض الأمراء، فأنعم عليه السلطان بتقدمة ألف بدمشق، وألبسه كاملية بسمّور (٤)، وخرج من مصر سريعا، فشقّ ذلك على جماعة الأشرفية، وكثر القيل والقال بين الناس، ولهجوا بوقوع فتنة عن قريب.

وفيه وصل الطواشى شاهين غزالى، الذى توجّه إلى دمشق، بسبب ضبط تركة زوجة قانى باى الحمزاوى نائب الشام؛ فاشتملت تركتها على أشياء غريبة، من تحف، ومعادن نفيسة، وأقمشة مثمّنة، وأوانى فضّة، وبلّور، ما لا يسمع بمثلها، فكان هذا الموجود أعظم من موجود الخوندات؛ فأمر السلطان ببيعه فى كل يوم سبت وثلاثاء (٥)، فأقاموا نحوا من شهر وهم يبيعون فى ذلك الموجود.

وفيه نزل السلطان من القلعة، وتوجّه إلى نحو القرافة، وعاد سريعا، وهذا أول ركوبه فى السلطنة، وكان آخر ركوبه ونزوله من القلعة. - وفيه أمطرت السماء بردا كبارا، كل حصوة منها قدر بيضة الحمامة، وكان غالبها ببلاد الشرقية، وتلف منها أكثر الزرع، وربما هلك بها بعض بهائم، وكانت نادرة غريبة. - وفيه قدم سنطباى قرا، من غير إذن كما فعل تمراز، فلما بلغ السلطان ذلك، رسم


(١) رؤية: رويت.
(٢) شاتان: شاتين.
(٣) دوادار ثانى: كذا فى الأصل.
(٤) بسمور: بصمور.
(٥) وثلاثاء: وثلاث.