للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنّ السنان وحدّ السيف لو نطقا … لحدّثا عنك فى الهيجاء بالعجب

أفنيت مالك تعطيه وتبذله … يا آفة الفضّة البيضاء والذهب

فلما سمع خمارويه ذلك، قال لغلامه: «ادفع إليه ما معك فى الخريطة»، فوجد فيها خمسمائة درهم (١)، فقال الأعرابى: «زدنى أيها الأمير، فمثلك من يزد»، فقال خمارويه للمماليك: «اطرحوا عليه مناطقكم وسيوفكم»، وكانت مسقّطة بالذهب، فقال الأعرابى: «ومن يحمل لى ذلك»؟ فأمر له يبغل، فحمّل ذلك عليه ومضى.

[وفى أيامه توفّى الحارث بن مسكين بن يوسف الأموى، قاضى مصر، ولد سنة أربع وخمسين ومائة، ومات سنة خمسين ومائتين، فى دولة أحمد بن طولون.

وفى سنة ست وسبعين ومائتين، توفّى قاسم بن محمد ابن قاسم الأموى القرطبى، صاحب «التذكرة»، ] (٢).

وفى سنة ثمانين ومائتين، توفّى القاضى بكار بن قتيبة بن راشد الثقفى الحنفى، ، وكان من ولد أبى بكر الصحابى، تولّى القضاء بمصر فى أيام الخليفة المتوكّل على الله، سنة ست وأربعين ومائتين؛ وكان مولده سنة اثنتين وثمانين ومائة، وكان حنفى المذهب، وهو شيخ الطحاوى؛ مات فى المحرّم من تلك السنة، ودفن مقابل تربة الإمام الشافعى، .

وفى هذه السنة أرسل للعتضد بالله، خليفة بغداد، يخطب قطر الندى، بنت الأمير خمارويه، فأمهرها الخليفة المعتضد مائة ألف دينار، ومائة ألف شقّة حرير ملوّن؛ فخرجت من مصر إلى بغداد، وكان معها من القماش والأوانى ما لا يحصر، حتى قيل نقل جهازها من مصر إلى بغداد فى ستة أشهر، فكان من جملة ما ذكر من جهازها، مائة هاون ذهب، وألف سروال حرير، وفى تكّة كل سروال جوهرة قدر بيضة الحمامة؛ فلما وصلت إلى بغداد، ودخل عليها المعتضد، فأحبّها حبّا شديدا.

قيل إنّه وضع يوما رأسه فى حجرها ونام، فلما غرق فى النوم تلطّفت


(١) درهم: درهما.
(٢) وفى أيامه … : كتبت فى الأصل على هامش ص (٨٣ ب).