للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المماليك. - وفيه قرّر فى نظر الدولة منصور بن الصفى، وهذا أول ظهور منصور فى الرئاسة. - وفيه توفّى المغنّى الأستاذ فى فنّ النشيد، فريد عصره، ووحيد دهره، ناصر الدين محمد المازونى القاهرى وكان بارعا فى فنّ الغناء (١)، وكان يضرب به المثل فى حسن النغم، ومعرفة الفنّ، ولم يجئ بعده من هو فى طبقته إلى يومنا هذا، وقد رثاه الشهاب المنصورى بهذه الأبيات:

يا نزهة السمع سكنت الثرى … فللملاهى أيّما لهفى

كم لطمة من قدم أو يد … فى خدّى الدكّة والدفّ

وقوله فيه أيضا:

كانت به لذّاتنا موصولة … فانقطعت بموته اللذّات

وكانت الأصوات تزهو (٢) بهجة … فارتفعت لموته الأصوات

وكان حصل للمازونى خلط فالج، فأقام به مدّة طويلة حتى مات، فكان يقول:

«ارحموا من سكت حسّه، وبطل نصفه». - وفيه نزل السلطان من القلعة، وصحبته الأمراء، وأرباب الدولة، فسار إلى نحو جزيرة أروى، ثم توجّه إلى بولاق، وكان له يوم مشهود؛ فلما شقّ من بولاق أمر بهدم ما كان بها من الأخصاص، وكانت تضيّق الطريق على السالك، فهدمت من يومها. - وفيه مات الشيخ شهاب الدين أحمد بن الأوجاقى الشافعى، وكان عالما فاضلا ذكيا.

وفيه صرف القاضى صلاح الدين المكينى عن الحسبة، وقرّر بها قانى باى اليوسفى المهمندار؛ وكان جماعة من الجلبان ثاروا على المحتسب، فكان هذا سببا لصرفه عن الحسبة. - وفيه قدم قاصد من عند ابن قرمان، وعلى يده مكاتبة، يعتذر فيها عما حصل منه من الخروج عن الطاعة، وأرسل يسأل السلطان فى العفو عنه، والصلح معه، فأجابه السلطان إلى ذلك، وعاد إليه الجواب مع قاصده.

وفى جمادى الآخرة، عيّن السلطان أيدكى الأشرفى الخاصكى، بأن يتوجّه قاصدا


(١) الغناء: الغنى.
(٢) تزهو: تزهوا.