وفى أثناء هذا الشهر ظهر فى السماء نجم بذنب طويل جدّا، فكان يظهر من جهة الشرق، ودام يطلع نحوا من شهرين، وكان من نوادر الكواكب؛ فتكلّم عليه الفلكية فيما يدلّ عليه الأمر، وزاد الكلام فى ذلك بسببه، ثم اختفى ذلك النجم، وأقام مدّة طويلة نحوا من ثلاث سنين، حتى وقع بمصر الطاعون، ووقع بمصر أيضا الحريق، كما سيأتى ذكر ذلك فى موضعه.
قال صاحب مرآة الزمان: إنّ أول ما ظهر نجم الذنب، عند ما قتل قابيل أخاه هابيل، وظهر عند وقوع الطوفان، وعند وقود نار إبراهيم الخليل، ﵇، وظهر عند هلاك قوم عاد وثمود، وظهر عند هلاك فرعون، وظهر عند قتل الإمام عثمان بن عفان، وظهر عند قتل الإمام على، وعند قتل جماعة كثيرة من الخلفاء، وفى الغالب يحدث عقيب ظهور نجم الذنب حادث عظيم، وقد جرّب ذلك وصحّ من فناء وغير ذلك، من قتل وفتن وخسف وزلازل، انتهى ذلك.
وفى جمادى الآخرة، توفّى قاضى الإسكندرية شهاب الدين أحمد المحلى الشافعى، وكان فاضلا فى سعة من المال، وكان تاجرا فى البهار، وسعى فى قضاء الإسكندرية، على خلاف ما جرت به العادة من ولاية المالكية، وقد سعى بمال حتى تولّى، ومات وقد جاوز السبعين من العمر.
وفيه قبض السلطان على زين الدين الأستادار، وضربه بين يديه علقة قويّة، بسبب تأخيره للجامكية، ورسم عليه فى طبقة الزمام وهو فى الحديد؛ ثم إنّه أخلع على سعد الدين فرج بن النحال، ونقله من الوزارة إلى الأستادارية؛ وأخلع على العلاى على بن محمد الأهناسى، وقرّره فى الوزارة، عوضا عن سعد الدين فرج، وهذه أول عظمة علاء الدين على بن الأهناسى فى الوزارة.
وفى رجب، كان نهاية عمارة مدرسة السلطان، التى أنشأها فى الصحراء، وخطب بها، وعمل السلطان هناك وليمة حافلة، وحضر بها القضاة الأربعة، والأمراء، وأعيان الناس، ومدّ بها الأسمطة الحافلة، وكان يوما مشهودا. - وفيه طلع الأمير يونس الدوادار الكبير إلى القلعة، وكان مريضا وشفى، فأخلع عليه