للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطبخ فيما يحتاج إليه، وكان عسكره يحضر السماط مرّتين فى كل يوم؛ وكان منتهى حكمه من مصر إلى الفرات، وإلى برقة.

قال «جامع السيرة الطولونية»: كان بمدينة عين شمس، وهى المطرية، صنم (١) من الكدان الأبيض، على قدر خلقة الرجل المعتدل القامة، وكان محكم الصناعة، يكاد أن ينطق؛ فقصد الأمير أحمد أن ينظر إليه، فنهاه بعض الكهّان عن رؤية (٢) هذا الصنم، وقال: «أيها الأمير لا تنظر إلى هذا الصنم، فما نظر إليه أحد من ولاة مصر إلا عزل فى عامه»، فلم يعبأ بهذا الكلام، وركب وتوجّه إلى عند ذلك الصنم، ورآه، ثم إنّه أمر بقطعه فقطع، ولم يبق (٣) له أثر.

فلما رجع حمّ من يومه ولزم الفراش، فسلسل فى المرض نحو عشرة أشهر، فخرج الناس قاطبة إلى الصحارى، وفعلوا كما يفعلون (٤) فى الاستسقاء، فخرجوا حفاة، وعلى رءوسهم المصاحف، وخرج اليهود وعلى رءوسهم التوراة، وخرج النصارى وعلى رءوسهم الأناجيل، وخرج الأطفال من المكاتب وعلى رءوسهم التوراة، وخرج النصارى وعلى رءوسهم الأناجيل، وخرج الأطفال من المكاتب وعلى رءوسهم الألواح، وخرج العلماء والزهّاد، ودعوا إلى الله تعالى له بالعافية والشفاء، فلم يفد من ذلك شيئا، «إنّ أجل الله إذا جاء لا يؤخّر لو كنتم تعلمون».

فاستمرّ حتى مات، ، وكانت وفاته فى ليلة الأحد لعشر خلون من ذى القعدة سنة سبعين ومائتين؛ وكانت مدّة ولايته على مصر نحو ست عشرة سنة وأشهر.

ولما مات خلف من الأولاد ثلاثة وثلاثين ولدا، منهم سبعة عشر ذكرا، وباقى ذلك إناثا؛ وكان ملكا عادلا فى الرعية، كفوا لملك مصر، وأبطل فى أيامه ما كان أحدثه ابن المدبر من المكوس بمصر، التى تقدّم ذكرها.


(١) صنم: صنما.
(٢) رؤية: رأيت.
(٣) ولم يبق: ولم يبقى.
(٤) يفعلون: يفعلوا.