للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه أشيع بين الناس أن المماليك الأشرفية، الذين (١) كانوا بالصعيد، قد دخلوا إلى القاهرة فى الدسّ، فنادى السلطان لأصحاب المعادى أن لا يعدّى أحد منهم بمملوك من الأشرفية، ومن فعل ذلك شنق. - وفيه كثر الفحص والتفتيش على الملك العزيز، وكان القائم فى ذلك طائفة المؤيدة، فصاروا يكبسون الحارات والبساتين والتّرب، وقلّ أمن الناس على أنفسهم، بسبب كبس بيوتهم لأجل العزيز. - وفيه وصل طوغان الزردكاش من الصعيد وهو فى الحديد، وقد تقدّم أنه كان السبب فى هروب الملك العزيز، فلما حضر رسم السلطان بتوسيطه، فوسّط فى الرملة.

وفيه خرج الحاج من القاهرة، فوقع فيهم التفتيش فى محاير النساء، بسبب العزيز. - وفيه تغيّر خاطر السلطان على فيروز الزمام، بسبب تفريطه فى العزيز، ونسب إلى تقصير؛ ثم قرّر فى الزماميّة الطواشى جوهر، مضافا للخازندارية. - وفيه قبض على سرّ النديم الحبشية، دادة الملك العزيز، وعلى مرضعته وزوجها، وعوقبوا أشدّ العقوبة، وصار الناس فى هذه الجمرة مدّة أيام.

فلما كان ليلة سابع عشرين هذا [الشهر] (٢)، قبض يلباى المؤيدى، الذى تولّى السلطنة فيما بعد، على الملك العزيز فى زقاق حلب، وقد جاء تحت الليل إلى دار خاله بيبرس، فنمّ عليه، وكان معه مملوكه أزدمر، وهما فى زىّ المغاربة؛ فلما بلغ يلباى ذلك، وكان ساكنا فى زقاق حلب، فخرج ماشيا وقبض على الملك العزيز، وحمله على أكتافه تحت الليل، وتوجّه به إلى باب السلسلة، فبلغ السلطان ذلك وخرج إلى الحوش فطلبه، فأحضر بين يديه وهو فى تلك الهيئة التى قبض عليها.

فلما مثل بين يديه وبّخه ببعض كلمات، ثم أمر بنزع أثوابه، وألبسه أثواب غيرها، ووجدوا على وسطه ثمانمائة دينار، فأعطى السلطان منها يلباى خمسمائة دينار، وفرّق الذى بقى على من حضر صحبة يلباى من المماليك والغلمان، ثم أمر بسجن الملك العزيز فى البحرة، ويقال لما (٣) هرب العزيز، كتب [له] (٤) شمس الدين


(١) الذين: الذى.
(٢) [الشهر]: تنقص فى الأصل.
(٣) لما: لها.
(٤) [له]: نقلا عن لندن ٧٣٢٣ ص ٢١٠ ب، وباريس ١٨٢٢ ص ٣٥٦ آ.