للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما سمعوا أهل حلب هذه المناداة، ثاروا على النائب وأخرجوه من المدينة، وكانت هذه الحركة أول إظهار سعد السلطان الملك الظاهر جقمق؛ ثم أخذوا فى أسباب قتل من كان من جماعة نائب حلب، فلما فرّ تغرى برمش من حلب، قصد أن يتوجّه إلى طرابلس، والتفّ عليه جماعة كثيرة من التركمان، فتحاربوا مع النوّاب وكانوا بالرملة، فكسرهم نائب حلب، فكاتبوا السلطان بأن الأمر عظيم، ومن الرأى أن يخرج إليهم السلطان بنفسه.

وفيه، بعد العصر، قريب من المغرب، أشيع بين الناس هروب الملك العزيز من القلعة، وقد تقدّم أن السلطان رقّ له ولم يسجنه كعادة أولاد الملوك، وأسكنه فى قاعة البربريّة، ورتّب له ما يكفيه؛ فلما كان ليلة عيد الفطر، هرب من القلعة على حين غفلة، وكانوا (١) مماليك أبيه (٢) الأشرفية أرسلوا يقولوا له إن السلطان يروم قتله، فخاف على نفسه، فأسرّ ذلك إلى بعض طبّاخين (٣) أبيه، وهو شخص يقال له إبراهيم الطبّاخ، فعمل الحيلة فى هروبه من القلعة، وأن يتوجّه به نحو الشام عند أينال الجكمى المذكور.

فلما كان ليلة عيد الفطر، نقب حائطا من خلف قاعة البربريّة، وأخرجوه منه، وغيّر زيّه وألبسه ثياب صبىّ، [مروّق دار، وحمّله رخميّة فيها طعام، ولوّث وجهه بسواد الدست، فكان ذلك فألا عليه] (٤)، فلما مشى إلى باب القلعة ورأى مقدّم المماليك، وقف وبهت، فجاءه إبراهيم: الطبّاخ وضربه فى ظهره (٥)، وشتمه وسبّه، واستحثّه فى المشى، وكان ذلك بين المغرب والعشاء؛ فلما عدّى (٦) باب القلعة، ونزل من باب المدرّج،


(١) وكانوا … يقولوا: كذا فى الأصل.
(٢) أبيه: أبوه.
(٣) طباخين: كذا فى الأصل.
(٤) ما بين القوسين نقلا عن طهران ص ٢٠٧ آ، ولندن ٧٣٢٣ ص ٢٠٨ ب، وباريس ١٨٢٢ ص ٣٥٤ ب.
(٥) فى ظهره: فى باريس ١٨٢٢ ص ٣٥٤ ب: فى صدره.
(٦) عدّى: عدا.