للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويظهر أمر القاعدة، بما وجد فى قاع المقياس من الماء القديم؛ ثم فى يوم السادس والعشرين من بؤونة، ينادى على النيل بما يزيد فى تلك السنة، من قليل أو كثير، وقيل فى المعنى:

مناد فيه قاعدة اصطبارى … وهت لقياسه الهجر المتابع

رأى كسرا لقلبى قلت هلاّ … تبشّر بالوفا منك الأصابع

وتصير الزيادة مستمرّة: أبيب، ومسرى، وتوت، واثنى عشر يوما من بانة، فيكون مدّة الزيادة من ابتدائها إلى منتهاها، ثلاثة أشهر وخمسة وعشرين يوما، ثم يأخذ فى النقصان؛ وغالب الوفاء يكون فى مسرى، حتى قيل: «إذا لم يف (١) النيل فى مسرى، فانتظره فى السنة الأخرى».

قال المسعودى: إذا انتهت الزيادة إلى ستة عشر ذراعا، فقد حصل للناس الرىّ الشامل؛ فإذا بلغت الزيادة إلى سبعة عشر ذراعا، استبحر من أراضى مصر الربع، وحصل لبعض الضّياع الضرر، بسبب وجود الاستبحار؛ وإذا بلغت الزيادة ثمانية عشر ذراعا، كانت العاقبة عند انصرافه حدوث وباء بالديار المصرية؛ وكان القبط يقولون: «نعوذ بالله من أصبع من عشرين»؛ وكان النيل إذا بلغ أصبع (٢) من عشرين، غرّق الضّياع والبساتين، وكسر الجسور، وحصل للناس الضرر بسبب ذلك.

قال المسعودى: إنّ الأذرع التى كان يستسقى عليها بمصر، ذراعان، وهى التى تسمّى منكر ونكير، وهى ذراع ثلاثة عشر، وذراع أربعة عشر، فإذا انصرف الماء عن هذين الذراعين، استسقى الناس لهما بمصر، وكان الضرر الشامل؛ وإذا دخل الماء فى ستة عشر ذراعا (٣)، كان فيه بعض صلاحه للبلاد، ولا يستسقى له، وكان ذلك نقصا فى الخراج، تمّت.

وكانت قاعدة مصر القديمة محكمة على ستة عشر ذراعا (٣)، تروى منه سائر أراضى


(١) لم يف: لم يفى.
(٢) أصبع: كذا فى الأصل.
(٣) ذراعا: ذراع.