للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحلوان؛ ثم بنى أسامة بن زيد مقياسا بالجزيرة، فى أيام عبد الملك بن مروان؛ ثم بنى سليمان بن عبد الملك مقياسا آخر؛ ثم بنى المأمون مقياسا بالبشرودات (١)؛ ثم بنى أحمد ابن طولون مقياسا.

فلما كان أيام الخليفة جعفر المتوكّل على الله، أمر ببطلان سائر المقاييس التى (٢) كانت بمصر، وجعل العمل على هذا المقياس، وسمّاه المقياس الجديد، وهو عبارة عن فسقية مربعة، يدخل إليها الماء من أسربة بين الحيطان، وفى وسطها عمود من رخام أبيض، وهو مثمن، طوله نحو عشرين ذراعا، وله قاعدتان، سفلية وعلوية، وفوقه جائزة خشب فى وسط الفسقية.

وقد قسّم هذا العمود على أذرع، بها أصابع مخطوطة كالقراريط؛ ومساحة الذراع إلى أن يبلغ اثنى عشر ذراعا، ثمانية وعشرون أصبعا؛ ومن اثنى عشر ذراعا إلى ما فوق ذلك، يصير الذراع أربعة وعشرين أصبعا.

فإذا كان أوان زيادة النيل، يدخل الماء الجديد على الماء القديم الذى فى الفسقية، فتارة تكون القاعدة عالية من الماء القديم، وتارة تكون واطية من قلّة الماء، وأقلّ ما يكون فى قاع المقياس من الماء القديم ثلاثة أذرع، وفى تلك السنة يكون النيل شحيحا.

قيل أكثر ما وجد فى قاع المقياس من الماء القديم، تسعة أذرع وإحدى وعشرين أصبعا، وكان ذلك سنة سبع وتسعين من الهجرة؛ وأقلّ ما وجد فى قاع المقياس من الماء القديم، ذراع واحد وعشرون أصبعا، وهو سنة تسع وتسعين ومائة، فبلغ النيل تلك السنة اثنتى عشرة ذراعا وتسعة عشر أصبعا، ثم انهبط عاجلا.

وقاعدة مصر فى أمر زيادة النيل، فإنّ النيل يتنفّس فى الزيادة من أول بؤونة، فإذا مضى منها اثنتى عشرة ليلة، تنزل النقطة فى ليلة الثانى عشر منها، ويسمّونه عند القبط عيد ميكائيل؛ فإذا مضى من بؤونة خمسة وعشرين يوما، تطلع البشارة،


(١) بالبشرودات: كذا فى الأصل.
(٢) التى: الذى.