للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وضاعت حقوق الناس، كما قيل:

رام نفعا فضرّ من غير قصد … ومن البرّ ما يكون عقوقا

وفيه صرف الصلاح بن نصر الله عن الحسبة، وقرّر بها دولات خجا الظالم الغاشم. - وفيه جاء جراد كثير حتى سدّ الفضاء، وخاف الناس من ذلك، واستمرّ عدّة أيام، ثم رحل عن القاهرة. - وفيه طلع شخص من الأسافل إلى السلطان، وقال: «اجعلنى فى التحدّث فى مواريث النصارى واليهود، وإنى أحمل من المال للخزائن الشريفة ما هو كيت وكيت فى كل شهر»، فأجابه السلطان إلى ذلك، ورفع يد (١) بترك النصارى واليهود من التحدّث فى ذلك، وأبطل العادة القديمة.

وفيه خرج الأمير جكم خال العزيز إلى الوجه البحرى لهدم دير المغطس، الذى كان عند الملاحات بالقرب من بحيرة البرلس، وكانت النصارى تحجّ إليه فى عيد الغطاس، ويسمّونه عيد الطهور، وكانت تحدث فيه من المنكرات ما لا يوصف شرحه، فقام فى هدمه الشيخ محمد الطنتتاوى، ووقف للسلطان عدّة مرار حتى هدم ذلك الدير، وبطل أمره. - وفيه جاءت الأخبار بأن مات بغزّة فى هذا الطاعون، نحوا من اثنى عشر ألف إنسان.

وفى شوال، طفش الموت بالقاهرة جدّا، وكان قوّة عمله فى الصليبة، وجامع ابن طولون، وقناطر السباع، وتلك النواحى، وصار دولات خجا [المحتسب] (٢) يجور على [الناس] (٣)، ويحجر عليهم فى أمر الجنائز، حتى تمنّى كل أحد أن يموت من يده، وقد تزايد أذاه جدّا؛ وكان هذا العيد من أنكد الأعياد على الناس، وقد اشتدّ فيه البرد، وقوى الطعن، وهبّت فى الجوّريح عاصف، وهلك فيه فى تلك الأيام من الدواب والناس ما لا يحصى، وقيل فى ذلك:


(١) ورفع يد: عن طهران ص ١٩٥ ب، وكذلك عن لندن ٧٣٢٣ ص ١٩٧ آ. وفى الأصل: ووقع له.
(٢) [المحتسب]: نقلا عن لندن ٧٣٢٣ ص ١٩٧ ب، وكذلك عن باريس ١٨٢٢ ص ٣٤٧ ب.
(٣) [الناس]: تنقص فى الأصل.