للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم تولّى بعده عنبسة بن إسحق الضبى، تولّى سنة ثمان وثلاثين ومائتين.

وفى أيامه هجموا بنو الأصفر على ثغر دمياط، ونهبوا المدينة، وقتلوا جماعة من أهلها، وسبوا النساء؛ فجاء الخبر إلى مدينة الفسطاط يوم عيد النحر، فخرج الأمير عنبسة ونادى بالنفير عاما، فخرج عسكر الفسطاط قاطبة، وتوجّه إلى ثغر دمياط، وتحاربوا مع بنى الأصفر، فانتصروا عليهم، وأسروا منهم جماعة، وهرب الباقون إلى بلادهم، ورجع الأمير عنبسة إلى الفسطاط وهو منصور، وقدّامه الأسرى (١) من بنى الأصفر، وكان يوما مشهودا.

فأقام الأمير عنبسة بعد ذلك مدّة يسيرة، ومات بمصر.

وفى سنة ست وثلاثين ومائتين، توفّى أبو تراب النخشبى، ودفن بمصر، داخل القاهرة.

ثم تولّى بعده الأمير يزيد بن عبد الله التركى، وكان من الموالى، تولّى على مصر سنة اثنتين وأربعين ومائتين، فى أيام الخليفة المتوكّل على الله جعفر بن المعتصم؛ فلما استقرّ بمصر، كانت له حرمة وافرة، وكلمة نافذة.

وفى سنة خمس وأربعين ومائتين، توفّى ذو النون المصرى، أبو الفيض ثوبان بن إبراهيم المصرى؛ ولد بأخميم، وكان أصله من النوبة، وكان أسمر اللون، شديد السمرة، عاش من العمر نحو تسعين سنة، ودفن بالقرافة الكبرى.

ثم إنّ المتوكّل أرسل يقول له (٢) أن يبنى مقياسا لزيادة النيل، فشرع فى بناء مقياس (٣) بالجزيرة، وهى الروضة، فابتدأ فى بنائه سنة ست وأربعين ومائتين.

قال ابن عبد الحكم: كان بمصر عدّة مقاييس قبل الإسلام، فكان مقياس (٣) بأنصنا، ومقياس بمنف، ومقياس (٣) بقصر الشمع؛ ثم بنى عمرو بن العاص مقياسا بأسوان، عند ما فتح مصر؛ ثم بنى عبد العزيز بن مروان، لما كان على مصر، مقياسا


(١) الأسرى: الأسرا.
(٢) له: يعنى ليزيد بن عبد الملك.
(٣) مقياس: مقياسا.