للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحكّام، أن لا يسجنوا أحدا من أرباب الديون، وأن أصحاب الديون [يقسّطوا على المديون ويفرجوا عنه، وأصحاب الجرائم يقتلوا ولا يسجنوا، والسرّاق تقطع أيديهم ولا يسجنوا] (١)، فأطلقوا من كان فى الحبوس جميعا، وأغلقت سائر الحبوس قاطبة، فاستمرّ الحال على هذا مدّة يسيرة، ثم عاد إلى ما كان عليه الأمر.

وفيه اشتدّ البرد بالقاهرة وضواحيها، حتى جمدت المياه فى البرك، وصار الناس يخرجون بالحمير والمزابل، ويأخذون الجليد ويبيعونه فى الأسواق بالرطل، فعدّ ذلك من النوادر؛ فلما دخل فصل الصيف اشتدّ الحرّ كما اشتدّ البرد. - وفيه جاءت الأخبار بوفاة السيد الشريف مانع بن عطية بن منصور بن جماز، أمير المدينة المشرّفة، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وقد مات قتيلا خارج المدينة المشرّفة من بعض أعدائه.

وفيه حضر قاصد من عند شاه روخ، وعلى يده مكاتبة للسلطان، تتضمّن بأنه يخطب له بمصر، وأن يضرب السكّة باسمه، وأرسل للسلطان خلعة، وأنه النائب عن شاه روخ فى مملكته بمصر؛ فلما وقف السلطان على ذلك، كتم ذلك الأمر عن الأمراء والعسكر، ثم عزم على القاصد فى البحرة، وكان القاصد يسمّى الشيخ صفا، وهو من أبناء العجم.

فلما استقرّ السلطان مع القاصد فى المجلس، وطلب السلطان الخلعة والتاج الذى بعثهم (٢) شاه روخ، وأمر السلطان بعض الفرّاشين أن يلبس الخلعة والتاج، فلبسهما ورقص بحضرة السلطان والقاصد، فضحك عليه السلطان، ثم طلب جفنة فيها نار، وأحرق الخلعة [بحضرة] (٣) القاصد، ثم قال للقاصد: «أيش أعظم ما تبهدلوا به الناس عندكم؟»، قال: «نرميهم بثيابهم فى الماء»، فسكت السلطان ساعة، ثم أمر بعض الخاصكية أن يرمى القاصد ومن معه فى البحرة، وهى معمّرة بالماء، فألقوهم فيها


(١) يقسطوا … ويفرجوا … يقتلوا … ولا يجنوا … : كذا فى الأصل.
(٢) الذى بعثهم: كذا فى الأصل.
(٣) [بحضرة]: عن طهران ص ١٨٩ آ، وكذلك عن لندن ٧٣٢٣ ص ١٩٠ ب، وأيضا عن باريس ١٨٢٢ ص ٣٤٣ آ.