للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقلّ وجود الحمّالين للموتى والغسالين والحفارين للقبور، وصار الناس يموتون فى الطرقات، حتى يأكلونهم (١) الكلاب ما يجدوا من يواليهم التراب.

وقيل إن جماعة من الألواحية نزلوا فى مركب، نحوا من أربعين إنسانا، فلما وصلوا إلى الميمون ماتوا أجمعين؛ وقيل إن امرأة ركبت على حمار مكارى من مصر العتيقة تريد القاهرة، فماتت وهى راكبة على الحمار، فصارت ملقاة على الطريق يوما وليلة، حتى جافت فدفنت ولم يعلم بها أحد.

وقيل إن ثمانية عشر رجلا من الصيّادين كانوا فى مركب، فمات منهم فى يوم واحد أربعة عشر نفسا، ومضى منهم أربعة ليجهزوهم، فمات منهم وهم مشاة ثلاثة، فبقى منهم واحد، فلما دفنهم مات، وكانت الأموات تبدل فى النعوش عند المصلاّة، فيصير العبد عوض السيد.

وفى جمادى الآخرة، جاءت الأخبار بموت الملك المظفر أحمد بن المؤيد شيخ، وكان مقيما بثغر الإسكندرية، مات بالطاعون، ثم نقل إلى مصر ودفن على أبيه [فى القبة التى بالجامع المؤيدى] (٢). - وفيه كثر الموت جدّا بخانقاة سرياقوس، حتى صار يموت منها فى كل يوم نحو من مائتى إنسان، وكثر الموت بضواحى القاهرة وأعمالها، وتزايد الموت حتى صاروا لا يجدون النعوش، ويحملون الأموات على الأبواب وما أشبه ذلك، وصار الثياب البعلبكى والبطائن لا توجد، وارتفع سعرها جدّا. - ووقع فى هذا الوباء نوادر غريبة وحكايات عجيبة، وتعطّلت أحوال الناس [عن للبيع والشرى] (٣)، وغلقت الدكاكين.

وفيه مات السيد الشريف على بن عنان بن مغامس، أمير مكّة المشرّفة، وكان مقيما بالقاهرة. - وفيه مات الأتابكى بيبغا المظفرى. - ومات برد بك أحد الأمراء المقدّمين،


(١) يأكلونهم … ما يجدوا من يواليهم: كذا فى الأصل.
(٢) ما بين القوسين نقلا عن طهران ص ١٧١ ب.
(٣) ما بين القوسين نقلا عن طهران ص ١٧١ ب.