للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعروف بالمزوّق، وكان كاشفا ثم نفى إلى دمشق، وكان غير مشكور السيرة. - وفيه قرّر فى الأستادارية آقبغا الجمالى، الذى كان كاشفا، وعزل عنها عبد القادر بن أبى الفرج، وقرّر عليه مائة ألف دينار. - وفيه جاءت الأخبار بإفشاء أمر الطاعون بالجهة البحرية، وقد عمّ الوجه البحرى، وقد أخلى (١) الدور من أهلها، ثم ابتدأ أمره بالقاهرة، وعمل فى الأطفال والمماليك والعبيد والجوار.

وفى جمادى الأولى، تزايد أمر الطاعون بالديار المصرية، وعظم جدّا، وصار من الطواعين المشهورة، حتى سمّى بعد ذلك: «الفصل الكبير»، وكان هذا الطاعون مخالفا لبقية الطواعين، فإن عادة الطعن يقع فى أوائل فصل الربيع، وهذا وقع فى وسط قلب الشتاء، فلما تزايد أمر الطاعون نادى السلطان فى القاهرة «بأن الناس [يتّقوا الله تعالى ويصوموا] (٢) ثلاثة أيام متوالية».

فلما تزايد الأمر، خرج قاضى القضاة علم الدين صالح البلقينى، وبقيّة القضاة، ومشايخ العلم، ومشايخ الصوفية، وتوجّهوا إلى خلف تربة الظاهر برقوق، فجلس علم الدين هناك على كرسى، وعمل الميعاد ووعظ الناس، وكثر البكاء والضجيج والتضرع إلى الله تعالى، ثم انفضّ ذلك الجمع - ثم تزايد أمر الطاعون، وعمل فى الأطفال والمماليك، وكثر فى العبيد والجوار جدّا، وتزايدت الأخبار بأن وجد فى البرارى والأودية الوحوش مطروحة، وهى ميتة وتحت إبطها الطواعين، وشاهدوا الأطباء الأطيار تقع من الجوّ [وهى ميتة، وشاهدوا الأسماك والتماسيح تطفّ على وجه الماء وهى ميتة] (٣) وهى كالدم من شدّة حمرتها.

وصار يموت من المماليك الذين (٤) بالأطباق كل يوم نحو من خمسمائة مملوك؛ ثم تزايد عمله فى الغرباء، حتى صار يحفر لهم حفيرة كبيرة ويلقوا (٥) فيها عدّة من الأموات،


(١) أخلى: أخلا.
(٢) يتقوا … ويصوموا: كذا فى الأصل.
(٣) ما بين القوسين نقلا عن طهران ص ١٧١ آ، وكذلك عن لندن ٧٣٢٣ ص ١٧٣ ب، وأيضا عن باريس ١٨٢٢ ص ٣٣٢ آ.
(٤) الذين: الذى.
(٥) ويلقوا: كذا فى الأصلى.