للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرخاة، وخطب هناك الجلال البلقينى خطبة الاستسقاء على العادة، وبكى السلطان وتضرع إلى الله تعالى، [ثم صلّى السلطان على الأرض من غير سجادة وصار يمرّغ وجهه على الرمل] (١)، ثم عاد إلى القلعة، فزاد النيل عقيب ذلك وأوفى.

وفيه قرّر السلطان نظر الجامع المؤيّدى إلى الأمير مقبل، الدوادار الكبير، ومشاركا له القاضى كاتب السرّ ناصر الدين بن البارزى. - وفيه توفّى الشيخ على كهنبوش العجمى، وهو صاحب الزاوية المشهورة.

وفى رجب، نزل السلطان إلى بيت ابن البارزى الذى فى بولاق، وبات عنده، ثم عام (٢) فى البحر، وحوله جماعة من خواصه، واستمرّ عائما من بيت ابن البارزى إلى أن وصل إلى منية السيرج، فعجب الناس من قوة سباحته مع ألم رجله، وقد عجبوا الناس من قسوة قلبه الذى ما تألّم لفقد ابنه لما وقع منه من التنزّه، ولما سبح السلطان فى البحر، جاء ابن أبى الرداد صبيحة ذلك النهار الثانى ببشارة النيل، فزاد أول يوم من المناداة ثلاثين أصبعا، فاستبشروا الناس بسباحة السلطان فى النيل، وعدّوا ذلك من جملة سعد السلطان، وكان إذا أراد السباحة فى البحر، رفع له آلة من الخشب كالتخت من بيت ابن البارزى إلى البحر، وإذا عاد من السباحة أرخى له ذلك التخت، وسحب بحبال إلى أن يطلع إلى البيت، فعدّ ذلك من النوادر، وكان يسبح والعوام حوله، فيقول لهم: «قال لكم القيّم صلّوا»، وكان يقع له مثل ذلك أشياء غريبة، لم تقع لغيره من الملوك قبله.

وفيه توجّه السلطان إلى الأثار النبوى وزاره، ثم أتى فى الحرّاقة إلى المقياس، وصلّى فى الجامع الذى بجوار المقياس، فوجده قد تهدّم، فأمر بتجديده وتوسيعه (٣)، فجدّده ووسّعه، فعرف من يومئذ به، وكان أصل من أنشأ هذا الجامع الملك الصالح نجم الدين أيوب، لما بنى قلعة الروضة، وكان بجوار هذا الجامع كنيسة لليعاقبة،


(١) ما بين القوسين نقلا عن طهران ص ١٣٩ آ.
(٢) عام: عاد.
(٣) بتجديده وتوسيعه: فى باريس ١٨٢٢ ص ٣١٢ ب: بتجديده وترميمه وتوسيعه.