للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إنّ الأمراء اجتمعوا فى دار السعادة، وشرعوا فى كتابة محضر [] بأفعال الملك الناصر، وأنّه سفّاك للدماء، مدمن للخمر، وقد وقع فى أشياء توجب الكفر، فقامت عليه البيّنة بذلك، فخلعوه من السلطنة، وقام قاضى قضاة الحنفية ناصر الدين ابن العديم فى سفك دمه، قياما تاما، وكتب خطّه بذلك، وأشهد على نفسه بموجب ذلك، وانتهى هذا الأمر.

ثم إنّ الملك الناصر أتى من تربة تنم بعد المغرب، ماشى (١)، وفى رقبته منديل، وأخذ أولاده معه، ودخل إلى شيخ، فقام له، وقبّل يده، ثم إنّ شيخ أمر بتقييده، فقيّد وسجن بقلعة دمشق.

ومن جملة عكس الملك الناصر، الذى توجّه أولا إلى شيخ، فلو توجّه إلى نوروز، ما كان تمكّن أحد (٢) من قتله، فإنّ نوروز كان متزوّجا بأخت الملك الناصر، فلو (٣) طلب منه الأمان على نفسه، ما صابه سوء، ولكن توجّه إلى شيخ، فلم يعطه الأمان، فكان كما قيل فى المعنى:

لا تأمننّ عدوّا ولو دنا للمنيّة … فحيّة السمّ تدعى فى حالة الموت حيّة

وأما من قتل فى هذه الحركة، والمعركة، من الأمراء: الأمير يشبك الشعبانى، وقانى باى قريب الأتابكى (٤) بيبرس؛ وأمر شيخ بتوسيط شخص من المماليك يسمّى بلاط (٥)، قيل إنّه كان يذبح المماليك بيده بين يدى السلطان الناصر فرج، وقتل من المماليك السلطانية جماعة كثيرة.

وفى ليلة الأحد سادس صفر، كانت قتلة الناصر فرج بن برقوق، وذلك أنّه لما سجن بالبرج بقلعة دمشق، صار القال والقيل عمّال بين الناس، وخشى جماعة كثيرة من أخصاء الملك الناصر، منهم: بكتمر جلق، ومنهم فتح الله، كاتب السرّ، ومنهم


(١) ماشى: كذا فى الأصل.
(٢) أحد: أحدا.
(٣) فلو: فلما.
(٤) الأتابكى: كذا فى طهران ص ١١٢ ب، وكذلك فى لندن ٧٣٢٣ ص ١١٦ ب، وأيضا فى باريس ١٨٢٢ ص ٢٩٥ آ. وفى الأصل: السلطان.
(٥) بلاط: فى باريس ١٨٢٢ ص ٢٩٥ آ: بلاد.