للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السعر، لعلمهم أنّ الأمتعة لا تنزل عن سعرها من الذهب والفضّة، وأنّهم لا ينفقون على المماليك إلا الفلوس، وقطعوا ضرب الفضّة، وأكثروا من ضرب الفلوس، فرخصت الفلوس، وبذل الكثير منها فى الذهب، لقلّة الفضّة، وكثرة احتياج المسافرين إلى حمل النقود، حتى بلغ الدينار إلى هذا العدد، فصار الدرهم بعد أن كان قيراطا، وبعض قيراط، لا يساوى كل خمسة منه، أو ستة، قيراطا.

واستمرّت نفقة المماليك على ذلك، وهم لا يشعرون بحقيقة الحال، فعمّ الفساد، وخصّ الفقهاء ونحوهم من ذلك أعظم البلوى.

ومؤسّس هذا الفساد بديار مصر رجلان، هما: سعد الدين إبراهيم بن غراب، وجمال الدين يوسف، الأستادار؛ وذلك أنّ ابن غراب، منذ ولى ناظر الخاص، فى آخر الأيام الظاهرية، لم يزل، لكثرة ما ظفر به من الذهب، يزيد فى سعره، حتى بلغ هذا القدر، وهو آخذ فى الزيادة أيضا على هذا القدر.

وأما جمال الدين، فإنّه منذ كان يلى أستادارية الأمير بجاس، يزيد فى أجرة الأراضى؛ ثم لما مات الظاهر، ولى فى الأيام الناصرية، أستادارية جماعة كثيرة من الأمراء الأكابر، فجرى على عادته، وزاد فى أجر الأراضى، حتى عمل ذلك كل أحد، وصار، باعتبار غلاء سعر الذهب، كل شئ يباع بأضعاف ثمنه، وباعتبار غلاء الأطيان لا يرجى الرخاء.

«وهذان الفسّادان سبب عظيم فى خراب إقليم مصر، وزوال نعم أهله سريعا، إلا أن يشاء ربّى شيئا»، ذكر ذلك تقىّ الدين المقريزى فى السلوك (١).

وفيه كتب باستقرار الأمير خير بك، فى نيابة غزّة. - وفيه، فى يوم الأحد ثالثه، استقرّ شمس الدين محمد بن عبد الخالق المناوى، المعروف بالطويل، وبالبدنة، فى حسبة القاهرة، وصرف الهوّى.

وفيه، فى رابعه، نودى على النيل. - وفيه، فى حادى عشرينه، قدم الركب الأول من الحاج إلى القاهرة، وقدم المحمل ببقيّة الحاج من الغد.


(١) السلوك: انظر ج ٤ ص ٢٩.