وكان من خبر الأمير شيخ، والأميرين جكم، ونوروز، أنّ الأمير شيخ توجّه من دمشق، بعد عيد الأضحى، ومعه الأمير دمرداش، فنزل مرج عذراء فى عسكره، يريد حمص، وقد نزل بها عسكر جكم، عليهم الأمير نوروز، ونزل جكم على سلمية؛ فلبس الأمير دمرداش خلعة نيابة حلب، الواصلة إليه مع تقليده، وهو بالمرج.
وقدم إليهم الأمير عجل بن نعير، بعربه، طالبا أخذ ثأره من جكم؛ ووصل أيضا ابن صاحب الباز، يريد أيضا أخذ ثأر أخيه من جكم، ومعه جمع من التركمان.
فسار بهم الأمير شيخ من المرج، فى ليلة الاثنين ثالث عشره، إلى أن نزل قارا، ليلة الثلاثاء، فوصل تقليد العجل بن نعير، بإمرة العرب؛ وقدم الأمير علان، نائب حماة، وحلب، كان من مصر، وقد استقرّ أتابك دمشق.
ونزل الأمير شيخ حمص، يوم الخميس سادس عشره، بالرّستن، فكاتب الفريقين (١) فى الصلح، فلم يتمّ، واقتتلا فى يوم الخميس ثالث عشرينه، بالرّستن؛ فوقف الأمير شيخ والأمراء فى الميمنة، ووقف العرب فى الميسرة؛ فحمل جكم بمن معه على جهة الأمير شيخ، فكسره، وتحوّل إلى جهة العرب، وقد صار شيخ إليها، وقاتلوا قتالا كبيرا، ثبتوا فيه، فلم يطيقوا جموع جكم، وانهزموا.
وسار شيخ بمن معه من دمرداش وغيره، إلى دمشق، فدخلوها يوم السبت خامس عشرينه، وجمعوا الخيول والبغال، وأصحابهم متلاحقين بهم، ثم مضوا من دمشق بكرة الأحد.
فقدم فى أثناء النهار، من أصحاب الأمير جكم، الأمير نكبيه، وأزبك، دوادار الأمير نوروز، ونزل أزبك بدار السعادة، وقدم الأمير جرباش؛ فخرج الناس إلى لقاء نوروز، فدخل دمشق يوم الاثنين سابع عشرينه، ونزل الاصطبل.
ودخل الأمير جكم فى يوم الخميس سلخه، ونادى:«ألا يشوّش أحد على أحد». وكان قد شنق رجلا فى حلب، رعى فرسه فى زرع؛ وشنق آخر بسلمية؛ ثم شنق جنديّا بدمشق على ذلك؛ فخافه الناس، وانكفّوا عن التظاهر بالخمر.