وأعاد فى يوم الثلاثاء ابن شعبان إلى حسبة القاهرة، عوضا عن ابن الجباس، ثم صرف فى يوم الخميس ثالث عشره، وأعيد ابن الجباس.
وفيه، فى يوم الأربعاء ثانى عشره، قبض بالقاهرة على الأمير يلبغا السالمى، وعوّق بباب السلسلة، وأخذ جميع موجوده، بسعاية الأمير جمال الدين، الأستادار، وذلك أنّه غصّ بمكانه، فأغرى به السلطان، حتى رسم له أن يقبض عليه، وكان قد خرج لتعبئة الإقامات، ونزل بالحوف، فسار إليه فأعلم به، ففاته وقدم على السلطان، فأصلح بينهما.
وفيه، لما كان عيد الأضحى، نادى السالمى فى الناس، أنّ الفلوس بأربعة دراهم الرطل، بعد ستّة، وأنّ المثقال الذهب بثمانين، بعد مائة وثلاثين، وأنّ الإفرنتى بستّين؛ فقلق الناس من ذلك قلقا عظيما، وأنكر نائب الغيبة هذا، ونادى بخلافه، وكتب فيه إلى السلطان؛ فوجد جمال الدين السبيل إلى القول فيه، واغتنم غيبته بالقاهرة عن السلطان، وما زال حتى كتب إلى نائب الغيبة بقبضه، وتقييده.
وفيه التقت مقدّمة السلطان، ومقدّمة الأمراء، واقتتلوا، فرحل السلطان من بلبيس، بكرة نهار الأربعاء، ونزل السعيدية، فأتاه كتاب الأمراء الثلاثة: شيخ، وجكم، ويشبك؛ بأنّ سبب حركتهم ما جرى بين الأمير يشبك، والأمير أينال بيه بن قجماس، من حظّ الأنفس، حتى توجّه يشبك بمن معه إلى الشام، فكان بها من خراب البلاد، وهلاك الناس والرعيّة، ما كان؛ وطلبوا منه أن يخرج أينال بيه، ودمرداش، نائب حلب، من مصر إلى الشام، وأن يعطى لكل من يشبك، وشيخ، وجكم، ومن معهم بمصر، والشام، ما يليق به، لتخمد هذه الفتنة باستمرارهم على الطاعة، وتحقن الدماء، ويعمر ملك السلطان؛ وإن لم يكن ذلك، تلفت أرواح كثيرة، وخربت بيوت عديدة؛ وقد كان عزمهم المكاتبة بهذا من الشام، لكن خشوا أن يظنّ بهم العجز، فإنّه ما منهم إلا من جعل الموت نصب عينيه.
فلما كانت ليلة الخميس ثالث عشره، ثبت الأمراء للسلطان (١)، وهم فى نحو الثلاثة