للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اثنان، وجرح جماعة؛ فوصل الأمير شيخ إلى طرابلس، وقد قضى الأمر، فسار إلى بيروت، فقدمها وقت الظهر من يوم الجمعة حادى عشرينه، والقتال بين المسلمين وبين الفرنج من أمسه، وقتلى الفرنج مطروحين على الأرض، فحرق تلك الرمم.

وتبع الفرنج، وقد صاروا إلى صيدا، بعد ما حرقوا مواضع، وأخذوا مركبا، قدم من دمياط ببضائع لها قيمة كبيرة، وقاتلوا أهل صيدا؛ فطرقهم الأمير شيخ وقت العصر، وقاتلهم وهم فى البرّ.

فهزمهم إلى مراكبهم، وساروا إلى بيروت، فلحقهم، وقاتلهم، ومضوا إلى جهة طرابلس، ومرّوا عنها إلى الماغوصة، فركّز الأمير شيخ طائفة ببيروت وطائفة بصيدا، وعاد إلى دمشق فى ثانى صفر.

وفى صفر، فيه أوله الاثنين، ويوافقه سابع عشرين مسرى، أحد شهور القبط، تمادت زيادة النيل، إلى يوم الأحد سابعه، وثالث أيام النسئ، فانتهى ماء النيل فيه إلى اثنين وعشرين أصبعا، من الذراع السادس عشر، وبقى من الوفاء أصبعان، فتوقّف يوم الاثنين والثلاثاء عن الزيادة، ونقص أربع أصابع؛ فاشتدّ جزع الناس، وتوقّعوا حلول البلاء (١).

فسار شيخ الإسلام قاضى القضاة جلال الدين عبد الرحمن بن البلقينى، من داره ماشيا، قبيل الظهر إلى الجامع الأزهر، فى جمع موفور، ولم يزل يدعو (٢) ويتضرّع، وقد غصّ الجامع بالنّاس، إلى بعد العصر.

ثم خرج القضاة، وشيوخ الخوانك، إلى الجامع، ففعلوا ذلك إلى آخر النهار، فتراجع النيل من الغد أصبعين، واستمرّ إلى يوم الخميس حادى عشره، ويوم النوروز، أول توت، فركب الأمير يشبك بعد العصر، حتى فتح الخليج، وقد بقى من الوفاء أربع أصابع، وانتهى سعر الأردب القمح إلى مائة وثلاثين درهما.

وفيه، فى يوم السبت ثالث عشره، توجّه شيخ الإسلام جلال الدين إلى رباط


(١) البلاء: البلاد.
(٢) يدعو: يدعوا.