للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وركب بكرة يوم الأربعاء فيمن معه، والخليفة، والقضاة الأربعة، تحت الصنجق السلطانى، وسار العسكر قاطبة؛ فتقدّم جاليش السلطان، وسار من باب القرافة، وكان فيه من الأمراء: الأمير يشبك السودونى، والأمير سودون تلى، وغيرهما من الأمراء؛ ثم تبعهما الأتابكى بيبرس، ومعه ألف مملوك، فلما وصلوا إلى مصلّة (١) خولان، أقبل جاليش جكم ونوروز، وكان بين الفريقين وقعة (٢) قويّة، تشيب منها النواصى.

فبينما هم فى المعركة، وإذا بالسلطان قد أقبل، ومعه السواد الأعظم من العساكر، والزعر، والعيّاق، فوقع الرعب فى قلوب الأمراء الذين (٣) كانوا ببركة الحبش من الملك الناصر فرج، وما كانوا يظنّون أنّ السلطان يخرج إليهم، ووقعت الكسرة على الأمير جكم ونوروز، وفرّوا منه، وأسر تمربغا المشطوب، وسودون من زادة، وعلى بن أينال، وأرغز، وجرح الأمير يشبك الساقى، والأمير قمج الحافظى، ثم أسر جماعة كثيرة من الأمراء العشرات، والخاصكية، وهربوا البقيّة إلى الوطاق ببركة الحبش، فتبعهم الملك الناصر إلى هناك، فشتّت شملهم، ونهبوا الزعر الوطاق عن آخره.

فلما حصلت هذه النصرة للملك الناصر فرج، رجع إلى القلعة مؤيدا منصورا، ومعه الخليفة، والقضاة الأربعة، والأمير سودون طاز، والأمراء الذين (٥) أسروا قدّامه، وهم مشاة فى زناجير، حتى طلعوا (٤) إلى القلعة، وقدّامه الرايات الزعفران، وانطلقت له الألسن بالدعاء، والنساء بالزغاريت من الطيقان، وقد هنّأه بعض الشعراء بهذين البيتين، وهما:

الملك الناصر أعظم به … من ملك جاء بأمر عجيب

قد كتب السعد بتأييده … نصر من الله وفتح قريب

هذا ما كان من أمر الناصر فرج.

وفيه، فى ليلة السبت سابع عشره، بعث بالأمراء المأسورين إلى السجن، بثغر


(١) مصلة: مصلت. والمقصود: مصلى خولان.
(٢) وقعة: كذا فى الأصل.
(٣) الذين: الذى.
(٤) طلعوا: طلع.