للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان إذا أراد أن يركب تحمله الرجال على أكتافها، حتى يركب على الفرس؛ وكان قصير القامة، غليظ الجسد، مستدير اللحية، وقد وكزه الشيب، ولم يكن ينسب إلى فروسية، ولا شجاعة، ولكنه كان كثير الحيل والخداع، وكان ثقيل الحركة، ولكن كان له سعد قوى خارق، حتى جرى منه ما جرى، كما يقال:

رزق الضعيف بعجزه … فاق القوى الأغلبا

فالنسر يأكل جيفة … والنحل يأكل طيبا

وقيل، لما رحل تمرلنك عن دمشق، حضر ألطنبغا العنبرى، وأخبر السلطان بذلك، فأخلع عليه؛ وأخبر ألطنبغا العنبرى أنّ تمرلنك طلعت له فى جسده جمرة، وقد تألّم لها، ورحل وهو عليل، وسكن الحال قليلا، فكان كما يقال:

اصبر قليلا فبعد العسر تيسير … وكل شئ له وقت وتقدير

وللمهيمن فى أحوالنا نظر … وفوق تدبيرنا لله تدبير

وفيه أنّ السلطان، لما استقرّ بقلعة الجبل، أعاد شمس الدين البخانسى (١) إلى حسبة القاهرة، وصرف العينتابى، فى يوم السبت سابع جمادى (٢) الآخرة.

وفيه أذن السلطان للأمير يلبغا السالمى، أن يتحدث فى كل ما يتعلّق بالمملكة، وأن يجهّز عسكرا إلى دمشق، لقتال تمرلنك؛ فشرع فى تحصيل الأموال، وفرض على سائر أراضى مصر فرائض، فجبى من إقطاعات الأمراء، وبلاد السلطان، وأخباز الأجناد، وبلاد الأوقاف، عن عبرة كل ألف دينار، خمسمائة درهم، ثمن فرس.

وجبى من سائر أملاك القاهرة، ومصر، وظواهرها (٣)، ما أجرته عن شهر، حتى أنّه كان يقوّم على الإنسان فى داره، التى هو يسكنها، ويؤخذ منه أجرتها.

وجبى من الرزق، وهى الأراضى التى يأخذ مغلها قوم من الناس على سبيل البرّ، عن كل فدّان، من زراعة القمح أو الفول أو الشعير، عشرة دراهم، وعن الفدّان،


(١) البخانسى: كذا فى الأصل، واقرأ أيضا: المخانسى. ويرد اسم «المخانسى» هنا فى فيينا ص ٧٨ آ و ١٥٧ ب، و ١٦١ ب. كما يرد «البخانسى» هنا فى فيينا ص ١٥٧ آ.
(٢) جمادى: جمدى.
(٣) وظواهرها، ما: وظواهرهما.