للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان ممن أسر بحلب والشام من النوّاب، وهم: دمرداش، نائب حلب، وسودون، نائب الشام، وشيخ المحمودى، نائب طرابلس، ودقماق المحمدى، نائب حماة.

وأسر من أمراء حلب والشام وغيرهما ما لا يحصى، فمن أعيان دمشق: القاضى ناصر الدين أبى الطيب، كاتب سرّ دمشق؛ ومن أعيان الديار المصرية قاضى قضاة الشافعية صدر الدين المناوى، وقاضى قضاة المالكية ولىّ الدين بن خلدون.

وأسر جماعة كثيرة من الملوك والأعيان من البلاد، منهم: على بك، المعروف بيلدرم بن أردخان، من أولاد ابن عثمان (١)، ملك الروم؛ قيل لما أسره وضعه فى قفص من حديد، وصار يدخل به إلى البلاد، يعجّب عليه، فما طاق ابن عثمان (١) ذلك، فبلع فصّا (٢) من ماس فمات وهو فى ذلك القفص الحديد؛ وأسر جماعة كثيرة من ملوك الهند، وغيرهم، قال بعض المؤرخين: «إنّ تمرلنك استولى على ست عشرة مملكة، من ممالك الهند».

ثم إنّ تمرلنك أمر بطرح النار فى دمشق، فطرحوا النار فى المنازل، وكان يوما عاصف الريح، فعمّ الحريق البلد كلها، وصار لهب النار يكاد أن يرتفع إلى السحاب؛ وعملت النار ثلاثة أيام آخرها يوم الجمعة، وأصبح تمرلنك يوم السبت ثالث شعبان راحلا بالأموال، والسبايا والأسرى، بعد ما أقام على دمشق ثمانين يوما، وقد احترقت كلها، وسقطت سقوف جامع بنى أميّة من الحريق، وزالت أبوابه، وتفطّر رخامه، ولم يبق غير جدره قائمة.

وذهبت مساجد دمشق، ومدارسها، ومشاهدها، وسائر دورها، وقياسرها، وأسواقها، وحماماتها، وصارت أطلالا بالية، ورسوما خالية، قد أقفرت من الساكن، وامتلأت أرضها بجثث القتلى، ولم يبق بها دابة تدبّ، إلا بعض أطفال يتجاوز عددهم الألف (٣)، فيهم من مات، وفيهم من يجود بنفسه، فكان كما قيل فى المعنى:


(١) عثمان: عثمن.
(٢) فصا: فص.
(٣) الألف: اللاف.