للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألف دينار، قرّر مع ابن مفلح، وأصحابه، أنّ ذلك على أهل البلد، وأنّ الذى تركه العسكر المصرى من المال، والسلاح، والدواب، وغير ذلك، لا يعتدّ به لهم، وإنما هو لتمرلنك، فخرج الناس إليه بأموال أهل مصر، وبدا منهم، فى حقّ بعضهم بعضا، من المرافعات أنواع قبيحة، حتى صارت كلها إليه.

فلما علم أنّه قد استولى على أموال المصريين، ألزمهم بإخراج أموال الذين فرّوا من التجّار، وغيرهم، من دمشق، خوفا منه، وكان قد خرج من دمشق (١) عالم عظيم، فتسارعوا إلى حمل ذلك إليه، وجروا على عادتهم فى النميمة بمن عنده من ذلك شئ، حتى أتوا على الجميع.

فلما صار ذلك إليه كله، ألزمهم أن يخرجوا إليه سائر ما فى المدينة من الخيل والبغال والحمير والجمال، فأخرج إليه جميع ما كان فى المدينة من الدواب، حتى لم يبق بها شئ من ذلك.

ثم ألزمهم أن يخرجوا إليه جميع آلات السلاح، جليلها وحقيرها، فتتبّعوا ذلك، ودلّ بعضهم على بعض، حتى لم يبق بها من آلات القتال، وأنواع السلاح، شئ.

ثم بعد الفريضتين ورمية ابن مفلح، ومن معه، بالعجز عن الاستخراج، وقالوا:

«لا بقى مع أهل دمشق درهم ولا دينار»، حنق منهم تمرلنك، وقبض على ابن مفلح وأصحابه، وأودعهم فى الحديد، «وآخر الطبّ الكىّ»، وقد قيل فى المعنى:

إنّ الملوك ظروف الصبر داخلها … وفوق أفواهها شئ من العسل

تحلو (٢) لذائقها حتى إذا انكشفت … له تبيّن ما تحويه من دغل

فلما أن قبض عليهم، ألزمهم (٣) أن يكتبوا له جميع خطط دمشق، وحاراتها، وسككها، فكتبوا ذلك، ودفعوه إليه، ففرّقه على أمرائه، وقسّم البلد بينهم، فساروا إليها، ونزل كل أمير فى قسمه، وطلب من فيه، وطالبهم بالأموال، فكان


(١) من دمشق: إلى دمشق.
(٢) تحلو: تحلوا.
(٣) ألزمهم: وألزمهم.