للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد بلينا بأمير … ظلم الناس وسبّح

فهو كالجزار فيهم … يذكر الله ويذبح

وأنّ ابن مفلح حثّ الناس بأسرهم على جمع المال، الذى تقرّر جمعه، وهو ألف ألف دينار، ففرض ذلك على الناس كلهم، وقاموا به من غير مشقّة لكثرة أموالهم، فلما كمل المال الذى كان قرّره تمرلنك، بعد أن فتحوا باب المدينة الصغير، وحصل لهم الطمأنينة (١) بذلك، طلب تمرلنك ابن مفلح، وقرّر معه أن يجبى له من أهل دمشق ألف ألف دينار، التى جباها له، وما يعلم ما فى القلوب إلا الله تعالى، وقد قيل فى المعنى:

لقد ضرّنى من كنت أرجو (٢) به نفعا … وقد ساءنى أفعاله خلتها أفعى

إذا ما بدا لى ضاحكا زدت خيفة … وفى ضحك الأفعاء لا تأمن اللسعا

فلما كمل المال حمله ابن مفلح وأصحابه إلى تمرلنك، ووصعوه بين يديه، فلما عاينه غضب غضبا شديدا، ولم يرض به، وأمر ابن مفلح، ومن معه، أن يخرجوا عنه، فأخرجوا، ووكّل بهم، ثم ألزموا بحمل ألف تومان، والتومان عبارة عن عشرة (٣) آلاف دينار من الذهب، إلا أنّ سعر الدينار عندهم يختلف، فتكون جملة ذلك عشرة آلاف ألف دينار، فالتزموا بها.

وعادوا إلى البلد، وفرضوه على الناس، فجبوا أجرة مساكن دمشق كلها،.

ثلاثة أشهر، وألزموا كل إنسان من ذكر وأنثى، وحرّ وعبد، وصغير وكبير بعشرة دراهم؛ وألزم مباشر كل وقف من سائر الأوقاف بمال، فأخذ من أوقاف جامع بنى أميّة مائة ألف درهم شامية؛ ومن بقيّة أوقاف الجوامع، والمساجد، والمدارس والمشاهد، والربط، والزوايا، شئ معلوم، بحسب ما اتّفق.

فنزل بالناس، فى استخراج هذا، بلاء عظيم، وعوقب كثير (٤) منهم بالضرب


(١) الطمأنينة: اطمانيه.
(٢) أرجو: أرجوا.
(٣) عشرة: عشر.
(٤) كثير: كثرا.