للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه قدم من أخبر باختلاف الأمراء على السلطان، وعوده إلى مصر، فكثر خوض الناس فى الحديث؛ وكان من خبر السلطان أنّ تمرلنك بعث إليه، وإلى الأمراء، فى طلب الصلح، وإرسال أطلمش من أصحابه، وأنّه يبعث من عنده من الأمراء والمماليك، فلم يجب إلى ذلك؛ وكانت الحرب بين أصحاب تمرلنك، وطائفة من عساكر السلطان، فى يوم السبت ثامن جمادى (١) الأولى، كما تقدّم؛ ثم كانت الحرب ثانيا، فى يوم الثلاثاء حادى عشره، وفى كل ذلك يبعث تمرلنك فى طلب الصلح، فلا يجاب.

وفيه، فى يوم الأربعاء ثانى عشره، اختفى من الأمراء والمماليك السلطانية جماعة، منهم: سودون الطيار، والأمير قانى باى العلاى، وجمق، أحد الأمراء؛ ومن الخاصكية: يشبك العثمانى، وقمج الحافظى، وبرسبغا، الدوادار، وطراباى، فى آخرين؛ فوقع الاختلاف عند ذلك بين الأمراء.

وأتاهم الخبر بأنّ جماعة قد توجّهوا إلى القاهرة، ليسلطنوا الشيخ لاجين الجركسى، فركب الأمراء، فى آخر ليلة الجمعة حادى عشرينه، وأخذوا السلطان، وخرجوا بغتة، من غير أن يعى والد على ولده، وساروا على عقبة دمّر، يريدون مصر من جهة الساحل، ومرّوا بصفد، فاستدعوا نائبها (٢)، وأخذوه معهم إلى غزّة، وتلاحق بهم كثير من أرباب الدولة.

فأدرك السلطان الأمراء الذين اختفوا بدمشق: سودون الطيار، وقانى باى، ومن معهما، بغزّة، فما أمكن إلا مجاملتهم؛ وأقام بغزّة ثلاثة أيام، وتوجّه إلى القاهرة، بعد ما قدم بين يديه آقبغا الفقيه، أحد الدوادارية، فقدم إلى القاهرة، يوم الاثنين ثانى جمادى الآخرة، وأعلم بوصول السلطان إلى غزّة، فارتجت البلد، وكادت عقول الناس أن تختل، وشرع كل أحد يبيع ما عنده، ويستعد للهروب من مصر.


(١) جمادى: جمدى.
(٢) فاستدعوا نائبها: واستدعوا عقبة تدمر نائبها.