للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأتى (١) تنم الخبر على حماة، بقيام أهل طرابلس، وذلك أنّه لما قرب محمد ابن بهادر المؤمنين من طرابلس، بعث بما معه من الملطّفات (٢) لأربابها، فوصلت إليهم قبل قدومه، ثم وصل بمن معه فى البحر، فظنّه نائب الغيبة من الفرنج، فخرج إليه فى نحو ثلاثمائة فارس، من أجناد طرابلس، فتبيّن له أنّه من المسلمين، فقاتلهم على ساحل البحر، حتى هزمهم إلى برج أيتمش.

فأصبح الذين أتتهم الملطّفات، ونادوا فى العامة بجهاد نائب الغيبة، نصرة لابن بهادر، وأفتاهم فقهاء البلد بذلك، ونهبت دار نائب الغيبة، وخطب خطيب البلد بذلك، فتسرّعت العامة إلى النهب، فانهزم نائب الغيبة إلى حماة، وأعلم الأمير تنم بذلك، فبعث بالأمير صرق على عسكر إلى طرابلس، فقاتله أهلها قتالا شديدا، مدّة تسعة أيام، ودفعوه عنها.

وفى أثناء ذلك ورد على الأمير تنم خبر واقعة الأمير أيتمش، وأنّه وصل إلى غزّة، ونزل بدار النيابة، فأذن بدخوله، ومن معه، إلى دمشق، ورجع من حماة بالعساكر، وقد عجز عنها، فدخل دمشق فى خامس عشرينه.

وأرسل يونس الرماح نائب طرابلس، فى عسكره، ومن انضمّ إليه من أمراء دمشق، وهم: ألجى بغا الحاجب، وخضر الكريمى، فى طائفة إلى طرابلس، فدخلوا، وانهزم ابن بهادر إلى البحر، فركبه ومعه القاضى شرف الدين مسعود الشافعى، قاضى طرابلس، يريدون القاهرة.

ونهب يونس الرماح أموال الناس كافّة، وفعل ما لا تفعله الكفّار، وقتل نحو العشرين رجلا من المعروفين، منهم: الشيخ المفتى جمال الدين بن النابلسى الشافعى، والخطيب شرف الدين محمود، والمحدث القاضى شهاب الدين أحمد بن الأذرعى المالكى، والقاضى شهاب الدين الحنفى، وموفّق الدين الحنبلى، وقتل من العامة ما يقارب الألف، وصادر الناس مصادرة كبيرة، وأخذ أموالهم، وكانت هذه الكائنة فى الخامس عشر منه.


(١) وأتى: وأتا.
(٢) الملطفات: المطفات.