للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه، فى هذا اليوم، عمل المولد النبوى، على عادة أبيه، وحضر معه الأمراء، والقضاة، ومن عادته الحضور.

وفيه خرج الأمير تنم، نائب الشام، منها، إلى نحو حلب، وعمل نائب الغيبة الأمير أزدمر، أخا أينال.

وفيه افترق من يومئذ العسكر فريقان: فرقة مع الأتابكى أيتمش، وفرقة مع يشبك، وانقطع يشبك بداره، وأظهر أنّه مريض، فتخيّل أيتمش ومن معه من الأمراء، وظنّوا أنّها من يشبك حيلة، حتى إذا دخلوا لإعادته (١) قبض عليهم، فلزم كل منهم داره، واستعدّ، وأخلد أيتمش إلى العجز، وأعرض عن إعمال الرأى والتدبير، وكان قد تبيّن منذ مات الظاهر عجزه، وعدم أهليّته للقيام بالأمر.

فلما كان ليلة الاثنين عاشره، أشيع من العصر ركوب العساكر للقتال، وماج الناس، وكثرت حركاتهم، فلم يدخل الليل حتى لبس أيتمش، بمن معه، ومماليكه، آلة الحرب، وملك أيتمش الصوّة، تجاه باب القلعة، وأصعد عدّة من المقاتلة إلى عمارة الأشرف، تجاه الطبلخاناة، ليرموا على من فيها، ومن يقف على باب القلعة، ولم يخرج من بيته؛ وأخذ الأمير فارس، حاجب الحجّاب، رأس الشارع الملاصق لباب مدرسة السلطان حسن، ليقاتل من يخرج من باب السلسلة؛ وأخذ الأمير تغرى بردى، أمير سلاح، والأمير أرغون، أمير مجلس، رأس سويقة منعم، تجاه القصر.

فعند ذلك ركب الأمير يشبك، الخازندار، والأمير بيبرس، الدوادار، وطلعوا إلى القلعة، ودقّت بها الكوسات الحربية، ولبست المماليك السلطانية، ولحق بهم من الأمراء الأمير سودون طاز، وسودون الماردينى، ويلبغا الناصرى، وبكتمر الركنى، وأينال باى بن قجماس، ودقماق المحمدى، نائب ملطية، ووقعت الحروب بين الفريقين، من وقت العشاء الآخرة إلى السحر.

وقد نزل السلطان من القصر إلى الحرّافة بالاصطبل، فاشتدّ قتال المماليك السلطانية، وثبت لهم الأمير فارس، وكاد يهزمهم، لولا ما كادوه من أخذ مدرسة


(١) لإعادته: كذا فى الأصل، ويعنى لعيادته.