النجيل، ففرح به، وغرس فيه النخل، وصار ينزل إليه، وينصب به الصواوين، ويعزم فيه على الأمراء.
وعمر صهريجا كبيرا، بالقلعة، وسبيلا، عند دار النيابة، ومكتبا، يقرأ فيه الأيتام القرآن الكريم، بقلعة الجبل، وجعل عليه وقفا، دارا؛ وعمر أيضا بها طاحونا؛ وعمر أيضا سبيلا، تجاه باب دار الضيافة تحت قلعة الجبل؛ وعمر الوكالة، التى تجاه باب الجوانية؛ وله غير ذلك آثار كثيرة.
وخطب له باسمه فى أماكن، لم يخطب فيها لأحد من ملوك مصر قبله؛ خطب له على منابر توريز، عند ما أخذها قرا محمد، وضرب الدنانير، والدراهم، باسمه، وبعثها إلى حضرته بقلعة الجبل؛ وخطب له على منابر الموصل، وعلى منابر ماردين، ومنابر سنجار؛ وأخذت عساكره دوركى، وأرزنكان، وماردين، من بلاد الشرق، وخطب على منابرهم باسمه.
ورثاه عدّة من الشعراء، رحمة الله عليه، منهم: شمس الدين الزركشى، رثاه بهذه الأبيات، وهو قوله:
فى باطنى للملك الظاهرى … حزن منى فى ساير
فبعده يا عين لا تبخلى … بمدمع كالصيّب الماطر
وأنت يا سهدى لا تنفصل … طول المدا ما عشت عن ناظرى
لا ترتضى إلا عليه البكا … فابكوا بدمع هامل هامر
واتّخذوا الندب لكم سنّة … عليه من باد ومن حاضر
فإنه كان لكل أمر … فى نفسه كالعين والناظر
يا كبدى الحرا ويا مهجتى … ذوبا عليه دهرى الداهر
هيهات لا مدمع من بعده … يخبا ولا يجنى على ناظرى
قد كان مثل الغيث يوم العطا … وفى الوغا كالأسد الضائر
فبعده الملك يتيما غدا … تبكى عليه أعين الناظر
وعد له فى مصر مع جوده … قد أصبحا كالمثل السائر