قتل من الأمراء، والمماليك، والناس، ما لا يحصى عددهم؛ وكان كثير المصادرات للناس، وأرباب الدولة، وكان يحبّ جمع المال، من حرام وحلال، وكما قيل فى المعنى:
يرجوا ويخشوا حالتيك الورى … كأنك الجنّة والنار
وقال آخر:
من يرتجى غيرك أو يتّقى … وفى يديك الجود والبأس
وفى الجملة أنّه كان خيار ملوك الجراكسة، وأولهم بمصر، وأعظمهم حرمة، وأعلاهم همّة؛ وهو أول من أحدث لعب الرمح للمماليك، بعد الظهر، فى الحوش السلطانى، إلى بعد العصر، واستمرّ ذلك إلى الآن.
وأنشأ بالقاهرة مدرسة، لم يعمر مثلها بالقاهرة، ورتّب فيها صوفية، بعد العصر فى كل يوم، وجعل بها سبعة دروس لأهل العلم: أربعة، يلقى بها الفقه على المذاهب الأربعة، ودرس تفسير القرآن، ودرس للحديث النبوى، ودرس للقراءات؛ وأجرى على الجميع، فى كل يوم، الخبز النقىّ، ولحم الضأن المطبوخ، وفى كل شهر الحلوى، والزيت، والصابون، والدراهم، ووقف على ذلك الأوقاف الجليلة، من الأراضى، والدور، ونحوها.
وعمر جسرا على نهر الأردن، وهو جسر الشريعة، بالغور، فى طريق دمشق، طوله مائة وعشرون ذراعا، فى عرض عشرين ذراعا؛ وجدد خزائن السلاح، بثغر الإسكندرية؛ وعمر زربيّة البرزخ، بدمياط، وكان ظهر منها عظام الشهداء؛ وعمر سور مدينة دمنهور، بالبحيرة، بالطوب اللبن؛ وعمر قناطر بأعمال الفيوم.
وعمر قناة العرّوب، بالقدس؛ وعمر بركة كبيرة، برأس وادى بنى سالم، فى طريق المدينة النبوية، يردها الحاج؛ وعمر بركة كبيرة، بالقدس؛ وعمر الجبال الشرقية، بالفيوم؛ وعمر ما وقع، وتهدّم، من القناة التى تحمل ماء النيل إلى قلعة الجبل، حتى صلحت، بعد ما أعيت من تقدّمه من الملوك.
وجدّد عمارة الميدان، الذى تحت قلعة الجبل، بعد ما خرب، وصار كيمان تراب، فعمره، وأرمى فى أرضه الطين، وسقاه بماء النيل، وزرع به القرط، فلم يطلع به غير