للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما كان ليلة الجمعة خامس عشر شوّال، من سنة إحدى وثمانمائة، وقت التسبيح، توفّى السلطان الملك الظاهر برقوق اليلبغاوى ابن آنص، وقيل آنس، العثمانى الجركسى، توفّى إلى رحمة الله تعالى، وزال ملكه كأنّه لم يكن، فسبحان من لا يزول ملكه ولا يتغيّر، كما قيل:

ترجو (١) البقاء بدار لا ثبات لها … فهل سمعت بظلّ غير منتقل

ومات وله من العمر ثلاثة وستون سنة؛ منها مدّة حكمه بديار مصر، منذ صار أتابك العساكر، عوضا عن الأمير طشتمر (٢) العلاى، الدوادار، إلى أن جلس على تخت السلطنة، أربع سنين وتسعة أشهر وعشرة أيام، ومنذ تسلطن إلى أن مات، ستة عشرة سنة وأربعة أشهر وسبعة وعشرون يوما؛ منها سلطنته إلى أن خلع، ست سنين وثمانية أشهر وسبعة وعشرون يوما، وسلطنته منذ أعيد إلى أن مات، تسع سنين وثمانية أشهر، والفترة بينهما ثمانية أشهر وتسعة أيام، ومدّة حكمه، أتابكيّا وسلطانا، أحد وعشرون سنة وعشرة أشهر وستة عشر يوما.

وترك ثلاثة أولاد ذكور: الأمير فرج، وتسلطن من بعده، وعبد العزيز، ويتسلطن أيضا، وإبراهيم، مات، هو وعبد العزيز، فى حياة أخيهما فرج، وسلطنته الثانية، بثغر الإسكندرية (٣)، واتّهم بأنّه سمّهما؛ وخلف ثلاث بنات، تزوّجن من بعده.

وترك من الذهب العين ألف ألف دينار، وأربعمائة ألف دينار؛ ومن الغلال، والقنود، والأعسال، والثياب، وأنواع الفرو، ما قيمته ألف ألف وأربعمائة ألف دينار؛ ومن الجمال نحو خمسة آلاف جمل؛ ومن الخيل نحو سبعة آلاف فرس؛ ذكر ذلك المقريزى فى السلوك (٤).

وبلغت جوامك مماليكه فى كل شهر، نحو تسعمائة ألف درهم فضّة؛ وعليق خيولهم


(١) ترجو: ترجوا.
(٢) طشتمر: طاشتمر.
(٣) الإسكندرية: سكندرية.
(٤) السلوك: انظر ج ٣ ص ٩٣٨.