للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسبب ذلك أنّ بعض المماليك السلطانية، رأى مملوكا من مماليك على باى، فساق خلفه، وسيفه مسلول، فظنّوا الناس أنّ العسكر ركب على السلطان.

ثم إنّ الأمير آقبغا (١) اللكاش ركب إلى القلعة؛ وكان الأمير يلبغا المجنون فى بيت الأمير فرج الحلبى بالقاهرة، فلما بلغه هذا ركب، وأخذ معه أمير فرج، ليعلم السلطان بأنّه كان فى داره بالقاهرة، حتى يبرأ مما رمى به، فصار مع الأمراء بالقلعة مع السلطان؛ وأمر السلطان بقلع السلاح، ونزول كل أحد إلى داره، فانقضّوا، وسكن الأمر، ونودى بالأمان، ففتح الناس الأسواق واطمأنوا.

وفى ليلة الثلاثاء ثانى عشرينه، عذّب على باى بين يدى السلطان، عذابا شديدا، كسرت فيه رجلاه وركبتاه، فلم يقرّ على أحد، فتزايد حنق السلطان عليه، فضربه بعكاز كان بيده، وهو من الفولاذ، فخسف صدره، فأخذ إلى خارج كرّا، وخنق، وطلعوا به بعض الطباق، فغسّلوه وكفّنوه، ودفنوه تحت الليل فى بعض الترب، وانقضى أمره.

فتنكّرت الأمراء، وكثر خوفهم من السلطان، خشية من أن يكون ألى باى ذكر أحدا منهم؛ ومن حينئذ فسد أمر السلطان مع مماليكه، فلم ينصلح إلى أن مات، ولخوفه منهم لم ينزل بعد ذلك من القلعة.

وفيه نودى بالأمان، وأمر الأمير يلبغا المجنون أن ينفق فى المماليك السلطانية، فأعطى الأعيان منهم خمسمائة درهم لكل واحد، فلم يرضهم ذلك، وكثرت الإشاعات الردّية، وقوى الإرجاف، فنقل الأمراء ما فى دورهم إلى القاهرة، فى يوم الأربعاء رابع عشرينه؛ وباتوا ليلة الخميس على تخوّف، ولم تفتح الأسواق يوم الخميس، فنودى بالأمان، والبيع والشرى، ولا يتحدّث أحد (٢) فيما لا يعنيه.

وفيه أنعم السلطان على الأمير أرسطاى من خواجا على، بتقدمة ألى باى، واستقرّ به رأس نوبة النوب، عوضا عن على باى؛ وأنعم على تمان تمر الناصرى، بطبلخاناة أرسطاى.


(١) آقبغا: يلبغا.
(٢) أحد: أحدا.