للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر المقريزى فى السلوك (١)، أنّ السلطان طلع القلعة قبل طلوع الشمس، وأنعم على كل من الأمراء المقدّمين بفرس، عليه قماش ذهب.

فلما طلع السلطان، وقع النهب فى المآكل والمشارب، وقتل من العوام ثلاثة أنفس، فتنكّد السلطان لذلك، وكان قصده أن يقيم إلى بعد العصر فى الميدان، ويحضر أرباب الملاعب من كل فنّ، وأرباب الآلات المطربة، فما تمّ له ذلك؛ فكان يوما فى غاية القبح والشناعة، أبيحت فيه المسكرات، وتجاهر الناس من الفحش والمعاصى، بما لم يعهد مثله، وفطن أهل المعرفة بزوال الأمر، فكان كذلك، ومن يومئذ اتهتكت الحرمات بديار مصر، وقلّ الاحتشام (٢)، وقد قيل فى المعنى:

يا من يضيع عمره … متماديا فى اللهو أمسك

واعلم بأنّك لا محا … لة ذاهب كذهاب أمسك

وفيه أعيد الشريف شرف الدين على بن فخر الدين محمد بن شرف الدين على الأرموى، إلى نقابة الأشراف، بعد موت الشريف جمال الدين عبد الله الطباطبى.

وفيه جاءت الأخبار بقتل سولى بن ذلغادر، أمير التركمان، وقد قتله بعض التراكمة بحيلة عملها. - وقتل أيضا صاحب سيواس، وكان قتله على يد قرايلك.

وفيه، فى يوم السبت تاسع عشره، وعاشر مسرى، أوفى (٣) النيل ستة عشر ذراعا، فركب السلطان بعد صلاة الظهر، يريد المقياس، وفتح السدّ على العادة، ومعه الأمراء، إلا الأمير ألى باى، الخازندار، فإنّه قد انقطع فى داره أياما لمرض نزل به، فيما أظهره، وفى باطن الأمر أنّه قصد الفتك بالسلطان، فإنّه علم أنّه إذا نزل لفتح الخليج، يدخل إليه ويعوده، على ما جرت به عادته مع الأمراء، فدبّر على اغتيال السلطان، وأخلى (٤) اصطبله وداره، من حريمه وأمواله، وأعدّ قوما اختارهم لذلك.

فلما نزل السلطان من القلعة، وتوجّه إلى المقياس، وخلّق العمود، ونزل فى


(١) السلوك: انظر ج ٣ ص ٩٠٢.
(٢) الاحتشام: الاحشام.
(٣) أوفى: وفا.
(٤) وأخلى: وأخلا.