للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصاحت الجلاّس عجبا به … يا صاحب القانون أنت الرئيس

وفيه أفرج السلطان عن ناصر الدين محمد بن الطبلاوى.

وفى ذى القعدة، يوم السبت ثانى عشره، عمل السلطان مهمّا عظيما بالميدان، تحت القلعة، وسببه أنّه لعب بالأكرة والصولجان، على العادة، مع الأمير أيتمش، فغلب الأمير أيتمش، فقال السلطان لأيتمش: «جا عليك يوم بالفقيرى»؛ والتزم أيتمش بعمل مهمّ بمائتى ألف درهم، كونه غلب، فأراد أيتمش أن يفعل ذلك، فقال السلطان: «أنا أقوم عنك بذلك»؛ وألزم به الوزير محمد بن الطوخى، والأمير يلبغا، الأستادار؛ فأمر السلطان بضرب خيمة كبيرة فى الميدان، الذى تحت القلعة، وضرب حولها عدّة سواوين برسم الإقراء؛ ثم أرسل خلف سائر الأمراء، من الأكابر والأصاغر.

فكان مما عمل بها من اللحم الضأن عشرون ألف رطل، ومائتا زوج أوز، وألف طائر من الدجاج، وعشرون فرسا ذبحت، وثلاثون قنطارا (١) من السكّر، عملت حلوى ومشروبا، ومائتا مجمع من الحلوى، ومائتا مشنّة فاكهة، وثلاثون قنطارا من الزبيب، لعمل المشروب المباح والمسكر، وستون أردبا دقيقا، لعمل الشراب المسكر، فعملت المسكرات، البوزة والشش، فى دنان الفخار.

ثم إنّ السلطان صلّى الصبح، يوم السبت، ونزل إلى الميدان، وفى عزمه أنّه يقيم نهاره مع الأمراء والمماليك، يعاقرهم الشراب، فلما نزل جلس فى المدورة (٢)، وحضرت الأمراء، وجلسوا فى مراتبهم، وعمل الأوزان؛ ثم رسم السلطان أن لا يمنع أحد من الدخول إلى الميدان، فلما تكاثرت الناس فى الميدان، أشار بعض الأمراء على السلطان، بأن يمدّ السماط ويطلع إلى القلعة، فمدّ السماط، وأكل هو والأمراء، ثم أخلع على الوزير، وناظر الخاص، وركب وطلع إلى القلعة.


(١) قنطارا: قنطار.
(٢) المدورة: المدرة.