للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحرّاقة، وتوجّه لفتح الخليج؛ فلما فتح السلطان الخليج، وعاد، وركب إلى جهة القلعة، اعترضه مملوك من خشداشينه (١) اليلبغاوية، من مماليك الأتابكى يلبغا العمرى، يقال له سودون الأعور، وأسرّ إليه أنّ داره التى يسكنها فى بعض البيوت، التى بأعلا الكبش، تشرف على بيت الأمير ألى باى، وأنّه شاهد مماليك ألى باى، وقد لبسوا آلة الحرب، ووقفوا عند بوائك الخيل، وستروا البوائك بالأنخاخ ليخفى أمرهم.

فلما سمع السلطان ذلك، أنكره، وكان على باى (٢) اشتراه السلطان صغيرا، وربّاه، وحظى عنده، وجعله خازندار (٣)، ثم أنعم عليه بتقدمة ألف، ثم جعله رأس نوبة النوب؛ فكتم السلطان الخبر، وظنّ على باى أنّ السلطان إذا رجع من فتح السدّ يدخل إليه، ويسلّم عليه، فإذا دخل بيته ليسلّم عليه، خرج إليه تلك المماليك (٤) من تحت البوائك، يقتلوا السلطان بغتة، وظنّ أنّ هذه الحيلة تصعد من يده، فكان تدبيره فى تدميره، كما قيل فى أمثال الصادح والباغم فى معنى ذلك:

وإنّ من حارب من لا يقوى … لحربه جرّ لديه البلوى

فحارب الأكفاء والأقرانا … فالمرء لا يحارب السلطانا

ثم إنّ السلطان أمر الأمير أرسطاى، رأس نوبة، أن يتوجّه إلى دار الأمير ألى باى، ويعلمهم أنّ السلطان يدخل لعيادته، فلما أعلم بذلك، اطمأنّوا؛ ووقف أرسطاى على باب الأمير ألى باى، ينتظر قدوم السلطان.

وعند ما بعث السلطان أرسطاى، أمر الجاويشية بالسكوت، وأخذ العصابة السلطانية، التى ترفع على رأس السلطان، فيعلم بها مكانه، يريد بذلك تعمية خبره؛ وسار إلى تحت الكبش، وهو تجاه دار الأمير ألى باى، والناس من فوقه قد اجتمعوا لرؤية السلطان؛ فصاحت به امرأة: «لا تدخل»، وقيل إنّها أرمت على السلطان


(١) خشداشينه: خوشداشينه.
(٢) على باى: كذا فى الأصل، ونلاحظ أن الاسم يرد أحيانا «ألى باى»، وأحيانا أخرى «على باى».
(٣) خازندار: كذا فى الأصل.
(٤) تلك المماليك … يقتلوا: كذا فى الأصل.