للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلطان يعطيهم النفقة بيده، فأخذوها على كره منهم؛ ثم إنّ السلطان أرسل نفقة الأمراء المقدّمين، والطبلخانات، والعشراوات.

ثم إنّ السلطان أفرض على المباشرين خيول وأبغال على قدر حال كل واحد منهم، فأخذوا فى أسباب ذلك؛ ثم إنّ الأمير جمال الدين محمود، الأستادار، طلع إلى القلعة بمائة جمل محمّل سلاح، ما بين قرقلات، ولبوس للخيول.

وفى ربيع الآخر، توفّى القاضى برهان الدين المنهاجى (١) المالكى، ولى قضاء دمشق. - وفيه حضر قاصد تمرلنك، وعلى يده كتاب من عند تمرلنك، مضمونه، بعد البسملة:

«قل اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون»؛ ثم أطال فيه الكلام، وعدّ مساوئ كثيرة لأهل مصر، من جملتها أنّهم يأكلون مال الأيتام بغير حقّ، وحكّامكم يقبلوا (٢) الرشوة، وعدّد عليهم أشياء كثيرة من هذا النمط.

فلما وقف السلطان على كتاب تمرلنك، رسم لكاتب السرّ بدر الدين بن فضل الله أن يكتب الجواب عن ذلك، فكتب، بعد البسملة: ﴿قُلِ اللهُمَّ مالِكَ [الْمُلْكِ] (٣) تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ﴾، ثم أخذ يهدّد فيه بوعد ووعيد؛ ثم قرأ هذا الجواب على السلطان، بحضور الأمراء، فأعجبهم ذلك، وبعث به إلى تمرلنك.

وفيه تزوّج السلطان بخاتون بنت حسين بن أويس، وهى بنت أخى القان أحمد، وكانت حضرت مع عمّها، فتزوّج بها، ودخل عليها.

ولما حضر القان، حضر صحبته نعير بن حيار، أمير آل فضل، الذى كان عاصيا على السلطان، والتفّ على منطاش، وجرى منه ما تقدّم ذكره، فحضر فى صحبة القان أحمد، وقابل السلطان، وشفع فيه القان أحمد، فأخلع عليه السلطان، ورضى عليه لأجل القان أحمد، فكان كما قيل فى المعنى:


(١) المنهاجى: الصنهاجى.
(٢) يقبلوا: كذا فى الأصل.
(٣) [الملك]: تنقص فى الأصل.