للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأموال بسببه، وقد أفنى عمره فى قهر منطاش، فإنّه كان مملوكه، مشتراه، وجرى منه فى حقّه ما جرى، فلما ظفر به نسى ذلك جميعه، كما قيل فى المعنى:

إذا ظفرت من الدنيا بقربكم … فكل ذنب جناه الدهر مغفور

ثم إنّ السلطان عيّن الأمير طولو (١) بن على شاه إلى حلب، ليحضر منطاش، فلما وصل إلى حلب تسلّم منطاش، وجعل يعاقبه ويعصره، وقرّره على الأموال التى (٢) أخذها، ونهبها من البلاد، فلم يقرّ بشئ، [واستمرّ يعاقبه] (٣)، حتى مات تحت العقوبة، فلما مات قطع رأسه، ووضعها فى علبة، وقصد التوجّه إلى البلاد المصرية (٤).

وجيل يطوف برأس منطاش فى كل مدينة دخلها، حتى وصل إلى القاهرة، فكان يوم دخوله (٥) إلى القاهرة يوما مشهودا، وزيّنت له القاهرة زينة حافلة، وشقّ برأس منطاش من وسط القاهرة، حتى طلع بها إلى القلعة، فرسم السلطان بأن تعلّق على باب زويلة، فعلّقت بها ثلاثة أيام، ثم دفنت، وقد قال القائل:

كأنّ فجاج الأرض يمناك إن يسر … بها خائف تجمع عليه الأنامل

فأين يفرّ المرء منك بجرمه … إذا كان تطوى فى يديك المراحل

وفى رمضان، أرسل السلطان إلى نعير خلعة، وأقرّه على عادته، أمير آل فضل، وخمدت فتنة منطاش.

واستأنفت الناس فتنة أخرى، وما ذاك إلا أنّ فى عقيب ذلك، حضر طواشى رومى، يسمّى صفىّ الدين جوهر، وعلى يده مكاتبة مطالعة من عند صاحب ماردين، مضمونها أنّ تمر لنك قد أخذ تبريز؛ وحضر عقيب ذلك قاصد صاحب بسطام، وأخبر أنّ تمر لنك أخذ شيراز؛ ثم حضر عقيب ذلك قاصد نائب الرحبة، وأخبر أنّ القان أحمد بن أويس، صاحب بغداد، قد وصل إلى الرحبة، وهو هارب من تمرلنك،


(١) طولو: فى باريس ١٨٢٢ ص ٢٤٧ ب: طولون.
(٢) التى: الذى.
(٣) ما بين القوسين عن فيينا ص ٤٨ آ.
(٤) البلاد المصرية: فى فيينا ص ٤٨ آ: القاهرة.
(٥) دخوله: دخلوه.