للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان سبب مسك منطاش أنّ نعير بن حيار، لما كبس عليه [جلبان] (١)، نائب حلب، وأسر أولاده، ونساءه (٢)، كما تقدّم، فأرسل نعير يقول لنائب حلب: «اطلق أولادى ونسائى وأنا أمسك [لك] (٣) منطاش»، فأرسل نائب حلب يقول له: «ما أطلق أولادك ونساءك (٤)، حتى تقبض [على] (٥) منطاش وترسله إلىّ».

وكان منطاش عند نعير، وهو متزوّج إحدى (٦) بناته، فلما رأى نعير عين الغلب، أرسل إلى منطاش أربعة من العبيد الغلاظ الشداد، فلما أتوا إلى منطاش، حسّ بالشرّ، وكان راكبا على هجين، فنزل عنه وركب فرسا، فمسك بعض العبيد لجام فرسه، وقال له: «كلّم الأمير نعير»، فقال: «وما يصنع بى نعير»؟ فتكاثروا عليه العبيد، وأنزلوه من على فرسه، وأخذوا سيفه من يده.

فلما رأى منطاش عين الغلب، قال للعبيد: «دعونى حتى أبول»؛ فقام وأتى إلى جانب حائط ليبول، فأخرج من على وسطه خنجرا، وشقّ به بطنه، فغشى عليه، فحملوه العبيد، وأتوا به إلى نعير، فقيّده، وأرسله إلى نائب حلب، وأرسل صحبته جماعة كثيرة من العربان، حتى أسلموه إلى نائب حلب؛ فلما دخل إلى حلب، كان له يوم مشهود، وزيّنت له حلب؛ فلما تسلّمه نائب حلب [بحضرة القضاة الأربعة، وكتب محضره] (٧)، سجنه بالقلعة، وأرسل كاتب السلطان بذلك.

فلما تحقّق السلطان ذلك، أخلع على مملوك نائب حلب خلعة سنيّة، وأركبه فرسا بسرج ذهب بكنبوش، ونودى فى القاهرة بالزينة، فزيّنت سبعة أيام، ودقّت البشائر بالقلعة سبعة أيام.

ونسى السلطان ما قاساه من قهره من منطاش، وما أصرفه على التجاريد من


(١) [جلبان]: عن فيينا ص ٤٧ ب.
(٢) ونساءه: ونسائه.
(٣) [لك]: تنقص فى الأصل.
(٤) ونساءك: ونسائك.
(٥) [على]: تنقص فى الأصل.
(٦) إحدى: احد.
(٧) ما بين القوسين عن فيينا ص ٤٨ آ.