للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إنّ السلطان رحل من الريدانية، وقصد التوجّه إلى الشام؛ فلما رحل أعرض الأمير كمشبغا الحموى، نائب الغيبة، أولاد الناس أجناد الحلقة، وعيّن منهم جماعة نحو المائتين (١) إلى جهة الصعيد، يقيمون عند الكاشف.

ثم بعد أيام حضر الأمير سودون الطيّار، وعلى يده مثالات شريفة إلى الأمراء الذين (٢) بالقاهرة، بأنّ السلطان لما وصل إلى الشام، هرب منطاش من وجهه إلى الفرات، فلما جاء هذا الخبر دقّت الكوسات، ونودى بالزينة، فزيّنت القاهرة سبعة أيام.

قيل لما دخل السلطان إلى دمشق، فهمّوا أهل دمشق بالخلاء، خوفا من الظاهر برقوق، وقد تقدّم ما وقع منهم فى حقّه، لما خرج من الكرك ودخل إلى دمشق، ورجموه وأخرجوه منها، ونهبوا بركه لما انتصر على منطاش وتسلطن؛ فلما دخل إلى دمشق بلغه أنّ أهل الشام تخوّفوا منه، لما تقدّم منهم (٣)، فنادى لهم بالأمان والاطمان، والبيع والشراء، وأنّ الماضى ما يعاد، ونحن أولاد اليوم، وقد عفونا عنكم، فضجّ له الناس بالدعاء، وسكن الاضطراب الذى كان عند أهل دمشق.

وفى رمضان، جاءت الأخبار بأنّ السلطان خرج من دمشق، وتوجّه إلى حلب؛ فلما خرج السلطان من دمشق أتى نعير بن حيار، وأمير آل فضل، ونهبا غالب ضياع دمشق، وكان نعير ملتفّا على منطاش، فلما بلغ نائب الشام مجئ نعير، خرج إليه، وتقاتل معه فى مكان يسمّى «الكسوة»، فانكسر نائب الشام كسرة قويّة، وقتل فى الوقعة (٤) من عسكر دمشق خمسة عشر أميرا؛ ثم رجع نعير إلى بلاده.

ثم جاءت الأخبار من بعد ذلك، بأنّ السلطان لما دخل إلى حلب أقام بها أياما، ثم قبض على يلبغا الناصرى، وعلى جماعة من الأمراء، وسجنهم بقلعة حلب، ثم إنّه قتلهم من آخرهم، وكانوا ثلاثة وعشرين (٥) أميرا؛ وسبب ذلك أنّ سالم الدوكارى،


(١) المائتين: الماتين.
(٢) الذين: الذى.
(٣) تقدم منهم: تقدم منه.
(٤) الوقعة: كذا فى الأصل.
(٥) ثلاثة وعشرين: فى فيينا ص ٤٢ ب: نحو ثلاثة وعشرين.