للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكانت مدّة سلطنته الثانية ثمانية أشهر وستة عشر يوما، بما فيه من خلعه [وهو] (١) بشقحب.

ومن غريب (٢) الاتّفاق أنّ قلاون لما تولّى الملك، تلقّب بالملك المنصور، وآخر من تولّى الملك من ذريّته تلقّب بالملك المنصور؛ وأعجب من هذا أنّ قلاون أخذ الملك من أولاد الملك الظاهر بيبرس البندقدارى، فسلّط الله على أولاده الملك الظاهر برقوق، فأخذ الملك منهم، والمجازاة من جنس العمل.

ومن جملة سعد الملك الظاهر برقوق، أنّه من حين خلع من السلطنة، وعاد إليها، لم يجلس أحد على مرتبته إلى أن عاد إليها.

وكان الملك المنصور أمير حاج، مع الأتابكى منطاش، فى غاية الضنك، وهو فى السلطنة آلة، والأمر والنهى جميعه لمنطاش.

فلما عاد الملك الظاهر برقوق، قال فيه بعض الزجّالة (٣):

من الكرك جانا الظاهر … وجب معو أسد الغابة

ودولتك يا أمير منطاش … ما كانت إلا كدّابة

ومن جملة سعد الظاهر (٤) برقوق أنّه خطب باسمه على منابر القاهرة قبل دخوله إليها، وملك قلعة الجبل من غير قتال ولا مانع؛ ومن جملة سعده أنّ الملك المنصور أمير حاج، خلع نفسه من السلطنة وهو بشقحب، وسلّم الأمر إلى الظاهر برقوق، وقد خدم سعد برقوق فى هذه الولاية الثانية، إلى أن مات على فراشه [كما سيأتى ذكر ذلك فى موضعه، إن شاء الله تعالى] (٥).

ولما خلع الملك المنصور [نفسه] (٥) من السلطنة بشقحب، وباس الأرض لبرقوق، عرف له ذلك، فلما دخل إلى مصر لم يسجنه بثغر الإسكندرية، كعادة أولاد السلاطين (٦)،


(١) [وهو]: عن فيينا ص ٣٥ آ.
(٢) غريب: كذا فى الأصل، وفى المخطوطات الأخرى: غرائب.
(٣) الزجالة: فى باريس ١٨٢٢ ص ٢٤١ آ: الشعراء.
(٤) الظاهر: فى باريس ١٨٢٢ ص ٢٤١ آ: الناصر.
(٥) ما بين قوسين نقلا عن فيينا ص ٣٥ ب.
(٦) السلاطين: فى باريس ١٨٢٢ ص ٢٤١ آ: السلطان.