للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنصور»؛ وكان الملك المنصور لما انكسر برقوق، أخذ الخليفة المتوكّل على الله والقضاة الأربعة، وخزائن المال، وبعض عسكر، ونزل تحت جبل بالقرب من دمشق.

فلما بلغ الظاهر برقوق أنّ الملك [المنصور] (١) نازل تحت الجبل، وهو فى عسكر قليل؛ فلما دخل الليل كبس عليه، وكان برقوق فى نفر قليل، فبعث الله تعالى له ريحا عاصفا ومطرا، فمزّق عسكر المنصور، وهرب الأكثر منهم، فقبض الملك الظاهر برقوق على الملك المنصور، واستولى على خزائن المال، وجلس على مرتبة الملك المنصور، فتسامعت به العساكر، وجاءوا إليه أفواجا، فقويت شوكته، وبات هناك تلك الليلة.

فلما بلغ منطاش ذلك، ركب من دمشق، ومعه السواد الأعظم من الزعر والعشير؛ فلما طلعت الشمس، ثار الحرب بين برقوق ومنطاش، واستمرّ الحرب ثائرا بينهم إلى غروب الشمس، فانكسر منطاش كسرة قويّة وهرب، وولّى هاربا إلى نحو دمشق، وقتل فى هذه الوقعة (٢) من الفريقين ما لا يحصى، حتى صاروا على الأرض مثل الحصى (٣)؛ فلما جرى ذلك أقام الظاهر برقوق تلك الليلة بمنزلة شقحب، واستمرّ بها يومين.

ثم إنّ شخصا من الصالحين، يقال له الشيخ شمس الدين الصوفى (٤)، مشى بين الملك المنصور، وبين الملك الظاهر برقوق، بأنّ الملك المنصور يخلع نفسه من الملك، ويسلّم الأمر إلى برقوق، فأجاب الملك المنصور إلى ذلك، وأحضر الخليفة المتوكّل على الله (٥) والقضاة الأربعة، وأشهد على نفسه بالخلع، وأرسل ذلك إلى برقوق، وأرسل يطلب منه الأمان على نفسه، فأرسل له برقوق الأمان؛ فلما وصل الأمان إلى الملك المنصور قام وباس الأرض إلى برقوق.


(١) [المنصور]: عن فيينا ص ٣٣ ب.
(٢) الوقعة: كذا فى الأصل.
(٣) الحصى: الحصاه.
(٤) الصوفى: كذا فى الأصل، وكذلك فى لندن ٧٣٢٣ ص ٣٠ آ، وأيضا فى باريس ١٨٢٢ ص ٢٤٠ آ، وكذلك فى طبعة بولاق ج ١ ص ٢٨٨. لكن فى طهران ص ٢١ ب، وفى فيينا ص ٣٣ ب: الصفوى.
(٥) على الله: بالله.