للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما كان يوم الجمعة، نادى الأمير بطا فى القاهرة أنّ سائر الخطباء (١) الذين بمصر، يخطبوا (٢) باسم الملك الظاهر برقوق، فخطبوا باسمه [فى ذلك اليوم] (٣)، وهذا من جملة سعده، وكان بطا أمير عشرة، وفعل هذا كله على حسّ الملك الظاهر برقوق، فكان كما قيل فى المعنى:

ملك نداه المبتدا … للناس والمدح الخبر

أمضى لسان سيفه … حكم القضاء والقدر

فلما كان يوم السبت، أواخر صفر (٤)، حضر إلى القاهرة جلبان، الخاصكى، وصحبته شيخ العرب عيسى بن مهنا، وأخبر أنّ الظاهر برقوق قد انتصر على منطاش، وهو واصل إلى غزّة؛ فلما سمع الأمير بطا ذلك، دقّ الكوسات بالقلعة، ونادى فى القاهرة بالزينة؛ ثم كتب مراسيم بهذه النصرة إلى ثغر الإسكندرية، ودمياط، وسائر الثغور.

وفى ربيع الأول، حضر هجّان، وعلى يده مراسيم شريفة، متوّجة بخطّ الملك الظاهر برقوق، مضمونها أنّ الأمير بطا يجهّز الإقامات إلى قطيا.

ثم بعد ذلك تواترت الأخبار [الصحيحة] (٥) بما جرى بين الملك الظاهر برقوق، وبين الملك المنصور أمير حاج، وما وقع له مع منطاش، وهو أنّه لما وصل إلى شقحب، وتلاقى (٦) هناك مع الملك المنصور ومنطاش، فحصل بينهما وقعة (٧) عظيمة، حتى ضرب بها المثل، وقتل فيها من العسكرين ما لا يحصى، فانكسر الظاهر برقوق كسرة قويّة، وولّى هاربا، فدخل الأتابكى منطاش إلى دمشق، وقدّامه الأمراء الذين (٨) أسروا من عسكر برقوق.

ثم إنّ منطاش قال لنائب الشام: «اخرج أنت وعسكر الشام، ولاقى الملك


(١) الخطباء الذين: الخطب الذى.
(٢) يخطبوا: كذا فى الأصل.
(٣) ما بين القوسين نقلا عن فيينا ص ٣٣ آ.
(٤) أواخر صفر: كذا فى الأصل، وكذلك فى طبعة بولاق ج ١ ص ٢٨٦.
(٥) [الصحيحة]: عن فيينا ص ٣٣ آ.
(٦) وتلاقى: وتلاقا.
(٧) وقعة: كذا فى الأصل.
(٨) الذين: الذى.