للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بينهما وقعة (١) قويّة؛ وآخر الأمر انكسر صراى تمر، [نائب الغيبة] (٢)، وقطلوبغا، الحاجب ثانى، فلما انكسرا هربا، فنهبت العوام بيوتهما، وبيوت جماعة من حاشية منطاش.

ومن لطيف صنع الله تعالى، أن وقع بالقاهرة هذه الحركة العظيمة، ولم يكن بها سلطان، ولا أمير، ولا حاكم، ولا قاض، ومع هذا لم يفقد لأحد من الناس ما قيمته الدرهم الفرد، [وكانت الزعر هايجة فى المدينة، فلم يتعرّضوا لأحد من الناس بسوء، ولا نهب لأحد شئ من دكان، ولا بيت، ولو] (٣) فعلوا ذلك لطلع من يدهم من غير مانع، ولكن الله سلّم، فكان كما قيل فى المعنى:

لم لا يرجى الفضل من ربّنا … أم [كيف] (٤) لا نطمع فى حلمه

وفى الصحيحين أتى أنّه … بعبده أشفق من أمّه

ثم [إنّ] (٥) الأمير بطا أخلع على شخص من أولاد الناس، يقال له محمد بن العادلى، وقرّره والى القاهرة، عوضا عن حسين بن الكورانى؛ ثم إنّ محمد بن العادلى، الذى استقرّ والى القاهرة، نادى للناس بالأمان والاطمان، والبيع والشرى (٦)، وحفظ الرعيّة، وقلّة الأذيّة، والدعاء للسلطان الملك الظاهر برقوق بالنصر، فضجّ له الناس بالدعاء بالنصر من الخاص والعام.

هذا كله جرى بالقاهرة ولم يعلم للظاهر برقوق خبر، إن كان انتصر أو انكسر؛ ثم إنّ الأمير سودون، نائب السلطنة، نزل من القلعة إلى باب السلسلة، هو والأمير صراى تمر، والأمير قطلوبغا، ووضعوا فى أرقابهم مناديل، فلما قابلوا الأمير بطا، قيّدهم وسجنهم بالقلعة.


(١) وقعة: كذا فى الأصل.
(٢) [نائب الغيبة]: عن فيينا ص ٣٢ ب.
(٣) ما بين القوسين نقلا عن لندن ٧٣٢٣ ص ٢٩ آ، وقد ورد أيضا فى فيينا ص ٣٢ ب.
(٤) [كيف]: تنقص فى الأصل، وأضيفت هنا عن فيينا ص ٣٢ ب، وقد وردت أيضا فى باريس ١٨٢٢ ص ٢٣٩ ب، وكذلك فى طبعة بولاق ج ١ ص ٢٨٦.
(٥) [إن]: تنقص فى الأصل.
(٦) والشرى: كذا فى الأصل، ويعنى: والشراء.