للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى يده مرسوم شريف إلى نائب الكرك، بقتل أستاذه برقوق، وكان اشترى منطاش فى سنة سبع وثمانين وسبعمائة، وريّاه صغيرا، ثم أعتقه، وأخرج له خيلا وقماشا، وكان منطاش شجاعا، بطلا مقداما (١)، فظهر منه غاية الفساد بالديار المصرية، فشكوه للظاهر برقوق، فقبض عليه وضربه علقة (٢) قويّة، ونفاه إلى البلاد الشامية؛ فلما عصى يلبغا [الناصرى] (٣) التفّ عليه منطاش، وحضر معه إلى القاهرة، وحارب أستاذه برقوق أشدّ المحاربة، وقيّده ونفاه إلى الكرك، وما كفاه ذلك حتى أرسل مراسيم بقتله وهو فى السجن، فكان حال السلطان برقوق مع مملوكه منطاش كما قيل [فى المعنى] (٤):

كنت من كربتى، أفرّ إليهم … فهم كربتى، فأين المفرّ

فلما دخل الشهاب البريدى إلى الكرك، بلغ برقوق ذلك، وكان برقوق فى مكان وله شبّاك إلى جهة الخليل، ، وكان برقوق يقف كل يوم فى ذلك الشبّاك ويقول: «يا خليل الله، أنا فى حسبك، نجّينى من منطاش»؛ فقيل إنّ شخصا من الصالحين رأى الخليل، ، فى المنام، وقال له: «قل لبرقوق إنّه يعود إلى ملكه، وينتصر على منطاش».

فلما حضر الشهاب البريدى إلى الكرك، تنسّم الحاج عبد الرحمن البابا، الذى [كان] (٥) فى خدمة الظاهر برقوق، بأنّ البريدى جاء يقتل أستاذه، وكان الحاج عبد الرحمن البابا أصله من الكرك، وله أقارب بها. - فلما كان تلك الليلة التى قدم فيها البريدى، كانت نوبة أبى علوان السجّان، وكان من أقارب الحاج عبد الرحمن البابا، فأنزلوا ذلك البريدى فى مكان يسمّى الطارمة، بجانب المكان الذى فيه الملك الظاهر برقوق.


(١) مقداما: صداما.
(٢) علقة: وعلقة.
(٣) [الناصرى]: عن فيينا ص ٢٧ آ.
(٤) [فى المعنى]: عن فيينا ص ٢٧ آ.
(٥) [كان]: تنقص فى الأصل.