بقلم الغبار، وكان علامة فى فنّ الكتابة. - وفيه توفّى الشيخ شمس الدين محمد بن عقيل بن قاضى القضاة بهاء الدين الشافعى.
وفيه ضرب السلطان للناس فلوسا جددا، وجعل بها دائرة، وفيها اسمه، فتفاءل الناس بأنّه ستدور عليه الدوائر ويسجن، فكان الأمر كذلك، كما قيل:
لا تنطقنّ بما كرهت فربما … نطق اللسان بحادث سيكون
ووقع مثل ذلك للملك المنصور عثمان بن الظاهر جقمق، أنّه لما تسلطن ضرب له ناظر الخاص يوسف دنانير، وهى المناصرة، فجعل معلّم دار الضرب اسمه فى دائرة، فلما رآها ناظر الخاص، قال لمعلّم دار الضرب:«قد ضيّقت على عثمان وسجنته»، وكان الأمر كذلك.
ووقع مثل ذلك للملك المؤيّد أحمد بن الأشرف أينال، أنّه لما تسلطن ضرب دراهم فضّة، وجعلوا اسمه فى دائرة، فلما أعرضوها عليه تطيّر من ذلك، ورسم لمعلّم دار الضرب بإبطال تلك الدائرة من نقش الدراهم، وتغيير تلك السكّة، ومع ذلك قيّد وسجن عن قريب، وهذا قد جرّب غير ما مرّة.
وفيه، فى سلخه، قدم مبشّر الحاج وأخبر عن مكّة أن قد وقع بها فتنة عظيمة، وسبب ذلك لما دخل الحاج إلى مكّة، خرج إليهم الشريف محمد بن أحمد بن عجلان، لتلقّيهم على جارى العادة، فلما أتى إلى خفّ جمل المحمل ليقبّله، فعند ما انحنى لتقبيله، وثب عليه فداويّان، فضربه أحدهما بخنجر فى جنبه، وضربه الآخر بخنجر فى عنقه، وهما يقولان:«غريم السلطان»، فخرّ الشريف محمد ميّتا، فترك نهاره ملقى على الأرض؛ وكان الشريف كبيش واقفا عن بعد، فلما قتل الشريف محمد، أمير مكّة، ففرّ كبيش؛ ثم إنّ عبيد الشريف محمد قتلوا الفداوية.
فلما جرى ذلك اضطربت أحوال مكّة، وكادت العربان أن تنهب أسواقها وسرحاتها، فلبس أمير الحاج آلة السلاح، وألبس من كان معه من المماليك السلطانية آلة السلاح، فأقاموا على ذلك سبعة أيام، وأحوال مكّة فى اضطراب.
ثم إنّ أمير الحاج أخلع على الشريف عنان بن مغامس، واستقرّ فى إمرة مكّة،