فلما رأى عين الغلب، طلب الأمان لنفسه، ثم خرج هاربا من الأبلستين؛ فلما وصل إليه نائب حلب، أرسل إليه مطالعة يهدّده فيها ويخيفه، فلم يرجع، وفرّ هاربا على وجهه إلى نحو بلاد التتر؛ فلما أيس منه نائب حلب، رجع إلى حلب وتركه.
وفيه ركب السلطان وتوجّه إلى نحو المطرية، فلما عاد، دخل من باب النصر، وشقّ من القاهرة فى موكب حفل، فزيّنت له المدينة، ووقدت له الشموع على الدكاكين، ولاقته طائفة من اليهود والنصارى، وبأيديهم الشموع موقدة؛ فلما شقّ من القاهرة، ارتفعت له الأصوات بالدعاء من الناس قاطبة، وكان ذلك اليوم مشهودا فى الفرجة، وهذا أول مواكب السلطان، ومروره من القاهرة.
وفى شهر ذى الحجّة، فيه خلع على الأمير قرا بلاط الأحمدى، واستقرّ كاشف الوجه البحرى، عوضا عن الأمير قرط، وعزل قرط بسبب قمح سيرته. - وفيه خلع على ولىّ الدين عبد الرحمن بن رشد، واستقرّ فى قضاء المالكية بحلب، عوضا عن علم الدين القفصى.
وفيه ورد البريد وأخبر بأنّ آقبغا، نائب غزّة، قد فرّ منها، وتوجه إلى الأمير نعير، أمير آل فضل. - وفيه أخلع السلطان على الأمير فرقموس الطشتمرى، واستقرّ به خازندارا كبيرا.
وفيه ركب السلطان وتوجّه إلى مصر العتيقة، ثم عدّى من هناك إلى برّ الجيزة، فأقام هناك إلى آخر النهار؛ ثم عدّى وأتى إلى بولاق، وطلع منها إلى القلعة.
وفيه قدم مبشّر الحاج، وأخبر بأنّ الحاج كان فى هذه السنة كثيرا جدّا، حتى قيل مات فى باب السلام، من كثرة ازدحام الناس، وقت دخول الحرم، نحو خمسين إنسانا.
وأما من توفّى فى هذه السنة من الأعيان، وهم: قاضى القضاة الحنفى بدمشق، همام الدين أمير غالب بن قوام الدين أمير كاتب الأتقانى.
وتوفّى قاضى القضاة بدر الدين عبد الوهاب بن الكمال أحمد بن قاضى القضاة علم الدين محمد بن أبى بكر بن عيسى بن بدران الأخناى المالكى، توفّى يوم الخميس سادس عشر رجب، ومات وهو معزول عن القضاء.