للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشعراء، والشبابة السلطانية، حتى دخل إلى القصر الكبير، وجلس على سرير الملك، وباس له الأمراء الأرض، من كبير وصغير.

وفى حال جلوسه على سرير الملك أمطرت السماء مطرا غزيرا، كما تقدّم، ثم دقّت له البشائر بالقلعة، ونودى باسمه فى القاهرة ومصر العتيقة، فارتفعت له الأصوات بالدعاء من الناس قاطبة، وزيّنت له القاهرة سبعة أيام، وفرح غالب الناس بسلطنته.

وكتب إلى أعمال المملكة بذلك، وسارت البرد (١) إلى البلاد الشامية والحلبية بذلك، وكتب إلى سائر أعمال الديار المصرية بذلك، كثغر الإسكندرية، وثغر دمياط، وسائر الثغور.

وكانت سلطنة برقوق بالقوّة، فإنّه كان من غير بيت المملكة، ولم يكن يستحقّ لذلك، ولكن ساعدته الأقدار على بلوغ الأوطار، فقويت شوكته، واستضعف أمر بنى قلاون، ونزع أيديهم من الملك واستقلّ به، وكل مفعول جائز.

أقول: وكان أصل الظاهر برقوق جركسى الجنس، ولد بضيعة يقال لها كسا، وكان مولده سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، فلما كبر وصار صبيّا، سرق من بلاده، وأبيع ببلاد القرم، فاشتراه الخواجا فخر الدين عثمان بن مسافر، وجلبه إلى مصر، فاشتراه منه الأتابكى يلبغا العمرى الخاصكى، وكما اسمه «ألطنبغا» فسمّاه يلبغا «برقوق»، لفتور كان بعينه.

ثم إنّ يلبغا أعتقه، وجعله من جملة مماليكه الأجلاب، فلما قتل يلبغا، وقبض على مماليكه، فسجن برقوق بسجن الكرك، فأقام به مدّة، ثم أفرج عنه، فتوجّه إلى دمشق، وخدم عند الأمير منجك، نائب الشام؛ فلما طلب الأشرف شعبان مماليك يلبغا، وقرّبهم، فحضر برقوق إلى مصر مع من حضر، وصار فى خدمة الأسياد، أولاد الأشرف شعبان، واستمرّ على ذلك إلى أن قتل الأشرف شعبان.

وقيل لما توفّى الأمير منجك، واحتاط الأشرف شعبان على موجوده، أخذ برقوق مع جملة مماليك منجك، فجعله خاصكيّا، ثم نقله من الخاصكية إلى إمرة طبلخانات،


(١) البرد، جمع بريد.