للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجيش أن يدور على الأمراء المقدّمين، بأن يطلعوا بالشاش والقماش، ثم جلس بالحرّاقة التى بباب السلسلة، وأرسل خلف أمير المؤمنين محمد المتوكّل على الله، فحضر، وحضرت القضاة الأربعة، وهم: قاضى القضاة الشافعى بدر الدين محمد أبى البقا السبكى، وقاضى القضاة الحنفى صدر الدين محمد بن منصور، وقاضى القضاة المالكى جمال الدين محمد بن خير السكندرى، وقاضى القضاة الحنبلى نصر الله بن محمد العسقلانى، وحضر القاضى كاتب السرّ بدر الدين محمد بن فضل الله العمرى.

فلما تكامل المجلس من الأمراء والقضاة، وحضر شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقينى، وولده الشيخ بدر الدين محمد، فقام القاضى كاتب السرّ فى وسط المجلس، وقال مخاطبا للخليفة: «يا مولانا أمير المؤمنين، ويا سادات القضاة، إنّ أحوال المملكة قد فسدت، وتزايد فساد العربان فى البلاد، من الشرقية والغربية والصعيد، وقد خامرت النوّاب وخرجوا عن الطاعة، والأحوال غير صالحة، وإنّ الوقت محتاج لإقامة سلطان كبير (١) من الأتراك، تجتمع فيه الكلمة، ويردع العربان، ويمهّد البلاد، ويسكّن الاضطراب، ويقمع أهل الفساد، فإنّ السلطان الملك الصالح صغير السنّ، وقد قلّت (٢) حرمته فى البلاد وبين الناس».

فالتفتت القضاة إلى أمير المؤمنين، وقالوا له: «إنّ من الرأى (٣) أن يتسلطن الأتابكى برقوق»، فقال شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقينى: «هذا هو الرأى».

فخلع الخليفة الملك الصالح أمير حاج حاجى من السلطنة، ودخل إلى دور الحرم عند إخوته، وسيعود إلى السلطنة مرة أخرى، كما سيأتى ذكر ذلك فى موضعه.

فكانت مدّة سلطنة الملك الصالح أمير حاج بالديار المصرية، سنة وسبعة أشهر وأيام، وبه زال الملك عن بنى قلاون، كأنّه لم يكن، فسبحان من لا يزول ملكه،


(١) سلطان كبير: سلطانا كبيرا.
(٢) قلت: قلة.
(٣) الرأى: الراء.